يعمل المسؤولون في المشهد السياسي الأميركي على إعادة تصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إرهابية، بعد أن أعلن وزير الخارجية ماركو روبيو أن هذه الخطوة باتت قيد الإعداد وتتم عبر عملية قانونية دقيقة. تتطلب هذه العملية توثيقا قانونيا صارما لتجنب الطعن عليها أمام المحاكم، حيث إن القرارات من هذا النوع غالبا ما تكون عرضة للطعن القضائي، مما قد يطيل المدة الزمنية لتنفيذها.
وفي سياق ذلك، تعتبر خطوة تصنيف الإخوان إرهابية علامة على تطور المزاج السياسي في الولايات المتحدة، خاصة في ظل اتهام الجماعة بدعم عمليات عنف وتحالفها مع جماعات مصنفة كإرهابية. ويؤكد محللون أن التعقيدات القانونية تعرقل إتمام هذه الخطوة بشكل سريع، في إشارة إلى أن المعركة القانونية قد تكون طويلة الأمد.
تقديم مشروع قانون جديد وتعزيز الصلاحيات
أعلن السيناتور الجمهوري تيد كروز عن تقديمه نسخة محدثة من مشروع قانون يهدف إلى تصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية، ويشير إلى أن الجماعة تستخدم العنف لتحقيق أهداف سياسية وزعزعة استقرار حلفاء أميركا داخل وخارج البلاد. يتيح المشروع الجديد لوزارة الخارجية صلاحيات أوسع لتصنيف فروع الجماعة كمنظمات إرهابية، ويلزمها بإعداد قائمة خاصة بها خلال تسعين يومًا من إقرار القانون. يحدد التشريع ثلاث مراحل لذلك: إذ يبدأ باتخاذ إجراءات بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 1987، ثم التصنيف الرسمي من وزارة الخارجية، وأخيرًا الإدراج على لائحة الإرهاب العالمية.
تصريحات روبيو حول التصنيف القانوني
وفي تصريحات أدلى بها لبرنامج إذاعي، أوضح ماركو روبيو أن خطوة تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية تجري عبر عملية قانونية معقدة تتطلب جمع أدلة ومستندات، حيث إن الجماعة لها فروع متعددة. أكد أن الوزارة تتابع مراجعة داخلية وتحليل دقيق لضمان صحة القرار، خاصة أن أي خطوة من هذا النوع يمكن أن تتعرض للطعن القضائي، ويحتمل أن تؤدي إلى إيقاف التنفيذ بواسطة قاضٍ فيدرالي واحد، وذلك بما يكرس ضرورة الحذر الشديد في إصدار هذا التصنيف.
وألمح إلى أن إدارة بلاده تراجع حاليا العديد من الجماعات التي يمكن تصنيفها كداعمة للإرهاب أو إرهابية، وأن جماعة الإخوان تشكل مصدر قلق كبير، معبرًا عن ضرورة اتخاذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب، لضمان حماية الأمن القومي.
تأكيدات وتحليلات أخرى
من جانب آخر، رأى توم حرب، مدير التحالف الأميركي الشرق أوسطـي للديمقراطية، أن تصنيف الجماعة على قائمة الإرهاب كان مطروحًا منذ فترة، وأن هناك ضغطًا شعبيًا متزايدًا على الإدارة الأمريكية لاتخاذ قرار نهائي في هذا الاتجاه. وأشار إلى أن التطورات في منطقة الشرق الأوسط، خاصة في غزة، وتدخل الجماعة لدعم حركة حماس، كلها عوامل زادت من المطالب بتصنيفها. لافتًا إلى أن دولا عربية كثيرة أدرجت الجماعة في قائمة الإرهاب، وأن خطوة أميركية كهذه ستلقى ترحيبا وتساهم في مراقبة نشاطاتها بشكل أكبر داخل الولايات المتحدة.
وأضاف أن إقدام الولايات المتحدة على هذا الأمر سيؤدي إلى تعزيز عمليات الرقابة الاستخباراتية، وفرض عقوبات، وربما تفكيك الجماعة داخل الأراضي الأميركية. كما تنبه إلى أن أوروبا قد تتبع خطى واشنطن، خاصة في ظل احتمالات اندلاع أعمال عنف من شبكات الإخوان في دول مثل فرنسا وبريطانيا وبلجيكا وهولندا وألمانيا إذا ما تم تصنيفها كمنظمة إرهابية.
تعليق الخبيرة القانونية والإجراءات القانونية
وأشار إحسان الخطيب، أستاذ العلوم السياسية، إلى وجود ضغوط داخلية وخارجية على إدارة ترامب للتصنيف، لكنها تواجه تحديات قانونية كبيرة تلزم باتخاذ إجراءات دقيقة لضمان شرعية القرار. وقال إن حظر الجماعة يصعب مهمة أعضاء الجماعة المرتبطين بها، خاصة أن للولايات المتحدة نفوذًا دوليًا كبيرًا، مما قد يشجع دولًا غربية على اعتماد إجراءات مماثلة. وتابع أن التأني الذي شهدته إدارة ترامب في الملف سابقا لا يلغي احتمال إصدار قرار في المستقبل، خاصة أن الحكومة عاودت فحص الملف أكثر من مرة، لكن لم يُتخذ قرار خلال الولاية الأولى، مع أنها تبدو الآن أكثر جدية في التنفيذ.







