يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى استغلال قمة الجمعة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين موسكو وواشنطن، بعيدًا عن مسار الحرب في أوكرانيا. يسعى لتوجيه الاهتمام نحو الملف الاقتصادي، إذ تشير مشاركة مبعوثه الاقتصادي ورئيس الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة كيريل ديميتريف إلى أن النقاش قد يتركز على الصفقات التجارية بين البلدين، مع إغفال القضية الأبرز والأكثر إلحاحًا المتمثلة في الأزمة الأوكرانية.
وفيما يقلل البيت الأبيض من أهمية التوقعات بحدوث اتفاق سلام خلال اللقاء، ويصفه بأنه مجرد ‘تمرين استماع’، يُحتمل أن يطرح ترامب صفقة تقوم على مبدأ الأرض مقابل السلام، بهدف إنهاء النزاع، رغم معارضة أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين لهذه الفكرة. كما يُنظر إلى التصريحات الأميركية على أنها تتركز على محاولة تأجيل تفعيل العقوبات أو أي إجراءات قسرية ضد موسكو، عبر الدعوة لعقد القمة كوسيلة لتجنب فرض تعريفات وعقوبات جمركية كانت واشنطن قد هددت بها سابقًا.
وأفادت المصادر أن ترامب يركز على الملف الأوكراني، محذرًا من فرض عقوبات قاسية على روسيا إذا لم يوافق بوتين على إنهاء الحرب، فيما تظهر مؤشرات عدم وجود نية من الكرملين لتنازلات حقيقية، إذ يرى الروسيون أنفسهم متفوقين عسكريًا ويعزمون على الاستمرار في الحرب لتحقيق أهدافهم، مع التأكيد على أن أسباب النزاع جذرية وتتطلب معالجتها بشكل دائم.
توقعات وتأويلات حول نتائج القمة
يبدو أن موسكو ترى في عقد القمة إنجازًا دبلوماسيًا، إذ يمنحها فرصة لإعادة الظهور على الساحة الدولية بشكل أقوى، خاصة مع ذكر تاريخ ألاسكا الذي كان جزءًا من الإمبراطورية الروسية قبل بيعه للولايات المتحدة عام 1867 مقابل مبلغ زهيد يُعادل سنتين للأراضي لكل فدان. وتعتبر موسكو هذه الصفقة مجحفة، لكن زيارة بوتين إلى ألاسكا تعزز من مكانته وتزيد من هويته الدولية، خاصة مع استغلالها كنوع من القوة الرمزية والدبلوماسية.
وفي الوقت الذي يواصل فيه بوتين التأكيد على أن روسيا ستستمر في الحرب حتى تحقيق أهدافها ومعالجة جذرية للأزمات، تراهن موسكو على أن القمة قد تمثل خطوة لتعزيز موقفها، خاصة على الصعيد الدولي، وتلمح إلى أن التصعيد الاقتصادي والعقوبات لن تؤثر على موقفها بالمطلق. رغم ذلك، فإن التصريحات والتوقعات تؤكد أن موسكو لم تتلقِ حتى الآن إشارات واضحة عن تراجع أميركي حقيقي أو رغبة في تقديم تنازلات ملموسة، مع استمرار تمسكها بسردية تحقيق مصالحها وأهدافها الاستراتيجية.
الجانب التاريخي والسياسي لموقع ألاسكا
ترتبط ألاسكا تاريخيًا بروسيا، حيث كانت جزءًا من الإمبراطورية الروسية قبل أن تبيعها إلى الولايات المتحدة عام 1867 بمبلغ بسيط جدًا، وهو ما يدعو موسكو إلى استغلال هذه الزيارة لتعزيز مكانتها القومية وإظهار قوتها أمام المجتمع الدولي. ويعد هذا الحدث ذا دلالة رمزية مهمة، إذ يمنح بوتين وقوفًا دبلوماسيًا وإعلاميًا، يساند موقف روسيا ويعكس قدرتها على استعراض تاريخها وقدرتها على التأثير في المحافل الدولية.







