تُعقد في ألاسكا قمة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وتُعتبر هذه اللقاءة من أخطر اللحظات بالنسبة لأوكرانيا، خاصةً لرئيسها فولوديمير زيلينسكي، منذ بداية الحرب قبل أكثر من ثلاث سنوات ونصف. تتسم هذه القمة بأهمية عالية لأنها ستحدد مصير أوكرانيا، حيث يناقش بوتين وترامب بشكل غير رسمي، ودون أن تتم دعوة زيلينسكي أو حكومته، الأمور التي تؤثر على مستقبل البلاد بشكل كبير.
تصعيد وتوتر قبل القمة
ذكرت صحيفة بريطانية أن هذه القمة ستشهد لحظة حرجة في سياق الحرب الأوكرانية، إذ أن التقديرات تشير إلى أن قادة العالم يراقبون نتائجها عن كثب. يساور زيلينسكي وحلفاؤه الأوروبيون خوف من أن يتوجه الطرفان إلى اتفاقات قد تكون بمثابة تقاسم للأراضي، وهو ما يمكن أن يُعد خيانة لمبادئ دعم أوكرانيا. من ناحية أخرى، يسعى بوتين إلى استغلال هذه اللقاءة لتأكيد شرعيته وتحقيق مكاسب من خلال خطة قد تشمل استيلاء على أراضٍ أو إجراءات ميدانية ضد أوكرانيا، وهو ما يذكر بوقائع مؤتمر يالطا عام 1945 الذي أفضى إلى تقسيم حدود بولندا وتسليمها للاتحاد السوفيتي السابق.
تحركات دبلوماسية وسلسلة من المبادرات
منذ عودة مبعوث ترامب الخاص، ستيف ويتكوف، من موسكو، بدأ زيلينسكي وحلفاؤه الأوروبيون جهودًا دبلوماسية مكثفة لمنع تكرار تلك الأمور. أبلغ ويتكوف عن استعداد روسيا للتوقف عن الأعمال العدائية مقابل تبادل للأراضي في شرقي أوكرانيا، وهو عرض أثار استغراب البيت الأبيض الذي كان قد استبعد فرض عقوبات جديدة على موسكو وبدأ يتوقع عقد قمة مرتقبة. لكن الأوروبيين اكتشفوا خلال محادثات أن العرض الروسي لم يكن واضحًا أو نهائيًا، وأن بوتين أبدى رغبة في الحصول على مناطق في لوهانسك ودونيتسك مقابل وقف إطلاق النار وتجميد الخطوط الأمامية في مناطق أخرى، مما زاد من قلق الأوروبيين الذي دفعوا الرئيس ترامب إلى تقليص توقعاته وإطلاق تصريحه بأنها بمثابة “جلسة استطلاعية”.
تأثير وتداعيات القمة المحتملة
تُظهر مصادر من الأوروبيين أن ترامب وافق على محاولة الاستماع لعرض روسي، ثم بدأ يراجع مواقفه، حيث وعد بأنه سيتواصل مع زيلينسكي وأصدقائه الأوروبيين قبل إبرام أي صفقة، إلا أن إدارة واشنطن تفتقر إلى خبراء في الملف الروسي، لأن العديد من المختصين تم تسريحهم ضمن حملات تقشف داخل البيت الأبيض، كما أن ليس هناك سفير أميركي في موسكو أو كييف لتنسيق الأمور بشكل مباشر. يتوقع البعض أن تعتمد أوروبا على وسائل ضغط، مثل فرض عقوبات أو رسوم على الطاقة، لكي تدفع موسكو لوقف إطلاق النار بشكل حقيقي، وهو أمر أقلق واشنطن بشكل كبير، خاصة وأن القمة قد تنتهي بدعم ترامب لموقف بوتين وتقسيم أوكرانيا، وهو ما يضع زيلينسكي في موقف صعب، سواء وافق أو رفض، حيث يخاطر بفقدان الدعم الأميركي إذا اختر إنه في موقف معارض للإجماع الدولي.
مخاطر وتحديات غير معلنة
تشير مصادر دبلوماسية إلى أن بوتين، الذي يُعد داهية واستراتيجياً، قد يستغل اجتماع ألاسكا لدفع ترامب إلى دعم خططه وتقسيم أوكرانيا، ما يدفع الأوروبيين إلى محاولة كبح جماح هذه اللعبه، من خلال محاولة إقناع ترامب بعدم تصديق الألاعيب الروسية، والسعي لوقف إطلاق نار حقيقي عبر الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية. وتخشى الأطراف الأوروبية أن تُنحرف نتائج القمة عن مسار دعم أوكرانيا، وتُستخدم كغطاء لتوسيع نفوذ موسكو، الأمر الذي يتطلب يقظة وحذر شديدين من قبل المجتمع الدولي لمنع ذلك.







