رئيس التحرير: سراب حسان غانم
مدير التحرير: رماح اسماعيل

عاجل| في طوفان الذكاء الاصطناعي.. نصائح لحجز “تذكرة النجاة

شارك

يُعتقد بشكل واسع أن الذكاء الاصطناعي قد يهدد الوظائف البشرية ويغيلها بمرور الوقت. لكن الواقع أكثر تعقيدًا؛ فهناك قلق مستمر من استيلاء الذكاء الاصطناعي على مجالات العمل، لكننا نحتاج إلى تصور أدق حول كيف ومتى سيحدث ذلك، وإلى أي مدى يمكننا الاستعداد لهذه التغيرات.

يُربط في كثير من الأحيان اعتماد الذكاء الاصطناعي بسرعة المهام وتعقيدها، حيث يُنظر إلى أن المهام المعقدة ستكون الأصعب على الذكاء الاصطناعي، والعكس صحيح. إلا أن هذا التصور غير دقيق جوهريًا. فالذكاء الاصطناعي يتعلم بطريقة تختلف عن البشر، حيث يعتمد على البيانات بدلاً من التجربة والخطأ. فالنموذج الذي يتعرض لقدر محدود من البيانات يشبه الطفل الصغير، أما الذي يُغذى بكميات هائلة من البيانات، فيقترب في خبرته من شخص مخضرم.

كيف يتعلم الذكاء الاصطناعي؟

عند مقارنة مهمتين كقيادة السيارة وكتابة الشيفرة، يُعتقد أن المهام البرمجية أصعب، لكن في الحقيقة، يتضح أن السيارات ذاتية القيادة تظل تواجه تحديات بسبب قلة البيانات مقارنة بنماذج اللغة التي تتعلم من محتوى الإنترنت بكاملها. ففي حين تعتمد السيارات على تسجيل آلاف الساعات من القيادة في بيئات متعددة، تتلقى نماذج اللغة كميات هائلة من البيانات النصية، ما يسرع من تطورها ويعطيها خبرة واسعة.

من يتأثر أولاً؟

وفقًا لتقرير وظائف عام 2025، ستكون القطاعات التي تمتلك قدرًا كبيرًا من البيانات هي الأبرز تأثرًا. تظهر أن مجالات البرمجة، التي يوجد فيها الكثير من البيانات والمشاريع المفتوحة المصدر، تتأثر بسرعة كبيرة، حيث يتوفر للمطورين أدوات وخوارزميات يمكنها التعلم من ملايين الأكواد. أما خدمة العملاء، فهي تعتمد على سجلات ضخمة من المكالمات والرسائل، مما يسهل على الذكاء الاصطناعي تقديم دعم فوري وتقليل التكاليف. كما أن قطاع التمويل يستخدم أنظمة ذكية في التداول، حيث يُقدر أن 70 بالمئة من تداولات الأسهم الأمريكية تتم عبر أنظمة تعتمد على البيانات اللحظية.

القطاعات التي تواجه تباطؤًا

هناك قطاعات تعاني من نقص البيانات، لذلك تواجه صعوبة في اعتماد الذكاء الاصطناعي. فحالياً، لا تتوفر بيانات العمليات الجراحية بشكل كافٍ بسبب قوانين الخصوصية مثل HIPAA، مما يعوق مشاركة المعلومات للمشاركة في التعلم الآلي. قطاع الإنشاءات، أيضًا، يُعتقد أنه من أصعب القطاعات تبنيًا، بسبب البيئة غير المهيأة لتوفير البيانات اللازمة للأنظمة الذكية. أما في مجال التعليم، فتقيد قوانين الخصوصية جمع بيانات الطلاب بشكل كبير، وتُستخدم الآن وسائل مراقبة أكثر تقييدًا، مثل الكاميرات ورصد حركة الأعين، مما يثير مخاوف بشأن انتهاك الخصوصية وتجاوزات تقنية قد تكون لها آثار غير متوقعة. ويصعب على أدوات الذكاء الاصطناعي التخصيص والتعلم الفعلي عندما تكون البيانات محمية وممنوعة من المشاركة بسهولة.

التأثير الاقتصادي والتحولات الهيكلية

يحدث التحول نحو الذكاء الاصطناعي بشكل متفاوت بين القطاعات، حيث تتسارع عمليات “الدمار الخلاق” في المجالات الغنية بالبيانات، إذ تختفي وظائف، مع ظهور أخرى جديدة تتطلب مهارات مختلفة. فقد يتحول مركز خدمة العملاء من ألف موظف إلى فريق صغير من المختصين في مراقبة الأنظمة عن بعد. أما القطاعات التي تفتقر إلى البيانات، فهي تحتاج إلى الرقمنة أولاً، مما يسبب تداخلات مع البيروقراطية والبنية التحتية القديمة، وربما يؤدي إلى إعادة تشكيل كاملة للأقسام بدلًا من استبدال وظائف فردية. يُقدر أن نحو 92 مليون وظيفة قد تختفي بحلول 2030، مقابل ظهور حوالي 170 مليون وظيفة جديدة، لكن التحولات تكون على مستوى المهارات والمواقع الجغرافية، ويستلزم ذلك تدريب القوى العاملة بشكل واسع.

كيف تستعد لهذا التحول؟

ينبغي على الباحثين عن عمل التركيز على زيادة مرونتهم وتطوير مهارات متعددة. من المهم البحث عن الوظائف التي تتقاطع بين التكنولوجيا والعمل البشري، كالترجمة بين الفرق التقنية والإدارية أو إدارة الأنظمة. يجب إعادة تعريف المهارات، والتركيز على كيفية التعلم، وحل المشكلات، والتكيف مع التقنيات الجديدة. لا يقتصر الأمر على تعديل التخصص، بل فهم كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُوظف في المجال الحالي، خاصة إذا كانت لديك معرفة عميقة في مجالك. إذ يمكن للمعرفة المتخصصة أن تخلق فرصًا فريدة يصعب على الآلات منافستها، وبالتالي تحسين فرص التكيّف مع التغيرات المستقبلية.

مقالات ذات صلة