رئيس التحرير: سراب حسان غانم
مدير التحرير: رماح اسماعيل

عاجل | حماس توافق وإسرائيل تتحفظ.. هل يضيع آخر مقترح لوقف حرب غزة؟

شارك

تتصاعد التعقيدات حول الأزمة في غزة مع اقتراب أحدث عرض من الوسطاء لوقف الحرب وإطلاق سراح الرهائن. أبدت حركة حماس موافقتها على المقترح، في حين عبرت إسرائيل عن تحفظات واضحة، حيث أكد مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن سياسة إسرائيل لم تتغير ويجب الإفراج عن جميع الرهائن دفعة واحدة وفقًا للمبادئ التي أقرها المجلس الوزاري المصغر.

يثير هذا الاختلاف في المواقف تساؤلات حول ما إذا كانت إسرائيل ترفض فعليًا المقترح أو أنها تستخدمه كمناورة تفاوضية، كما يبرز تساؤل عن سبب مرونة حماس بعد شهور من التصعيد العسكري، وما إذا كانت هناك فرصة أخيرة لوقف الحرب أم أن الأفق لا يزال مفتوحًا لجولات تفاوض جديدة.

أكدت مصادر مصرية أن حركة حماس وافقت على المقترح بضمانة أمريكية مباشرة ورعاية من الرئيس السابق دونالد ترامب، مما أضفى على المبادرة وزنًا سياسيًا كبيرًا، وهو ما يمثل تغيرًا نسبيًا عن المقترحات السابقة. إلا أن إسرائيل لم تقدم ردها على المقترح بعد مرور 24 ساعة، مما زاد من حالة الغموض والتكهنات حول نواياها الحقيقية.

تشير المصادر إلى أن الحكومة الإسرائيلية تواجه اختبارًا حقيقيًا لإعادة الرهائن، وتعتبر أن الحل الوحيد يتم من خلال مفاوضات تعتمد على خطة يتسحاق ويتكوف، التي تتضمن صفقة شاملة لتبادل جميع الرهائن. وفي الوقت ذاته، تعتبر الضمانة الأمريكية عنصرًا جديدًا في المعادلة، لكنها لم تكن كافية لإقناع إسرائيل بالرد السريع، مما يثير تساؤلات عن الحسابات الإسرائيلية في هذه المرحلة الحساسة.

موقف حماس والأمل الأخير

رشح الإعلامي وائل محمود، خلال حديثه، أن حماس تتصرف بشكل متأخر دائمًا، وتضيع فرصًا سابقة لتجنب مزيد من دمار غزة، مشيرًا إلى أن الورقة الحالية ليست جديدة بشكل كامل بل هي نسخة معدلة من المقترحات السابقة، حيث وافقت حماس بعد تراجع ضغطها الميداني وخسائرها المتزايدة. يرى أن موافقتها الحالية قد تأتي في سياق محاولة لحفظ شرعيتها السياسية في ظل تصاعد الضغط الشعبي والفصائلي، خاصة مع مشاركة فصائل فلسطينية في الاجتماعات التي رعتها القاهرة، مما يعزز التوافق الوطني حول القرار.

إسرائيل بين الحلول العسكرية والصفقات

ركز الخبير العسكري موشيه إلعاد على أن نتنياهو يواجه معضلة، فبينما وافق سابقًا على عمليات إطلاق الرهائن على مراحل، عاد مطالبًا بالإفراج عن جميع المعتقلين دفعة واحدة، مع نزع سلاح حماس وطرد قادتها. حذر من أن اجتياح غزة بشكل شامل قد يعرض سلامة الرهائن للخطر، وهو ما دفع عائلاتهم لتنظيم مظاهرات تطالب بالتفاوض. على الرغم من ذلك، أشار إلى أن الجيش الإسرائيلي لا يواجه مشكلة في التعبئة والتحضير لأي خطوة عسكرية، وأن أي قرار بالاجتياح سيُنفذ بسرعة إذا تم اتخاذه، حيث يظل الانقسام في الموقف الإسرائيلي حول أولوية استعادة الرهائن أو القضاء على حماس.

الضغوط الداخلية على نتنياهو

قال محمد أبو الفضل، مدير مكتب جريدة العرب في القاهرة، إن التسريبات حول موقف نتنياهو ليست ردًا رسميًا، وإنما مناورة داخلية يهدف من خلالها إلى إرضاء الحلفاء المتشددين، مثل بن غفير وسموتريتش، الذين يطالبون بتنفيذ صفقة شاملة تتضمن نزع سلاح غزة. ويواجه نتنياهو أيضًا ضغطًا من عائلات الرهائن تطالب بأي حل لإنقاذ أحبائها، وهو ما سبب مظاهرات قد تتوسع وتشتت جهود الحكومة. يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى إظهار أنه لا يزال يملك الوقت للمناورة، من أجل الحفاظ على تماسك تحالفه، وتجنب فقدان الدعم الأمريكي.

الدور الأمريكي وتوازن المصالح

رأى ديفيد رمضان، أستاذ العلوم السياسية، أن إدارة ترامب تسعى لحل شامل للأزمة، وأن واشنطن تعتبر إنهاء الحرب هدفًا أساسيًا، رغم أن الخيار العسكري الذي كان مرفوضًا سابقًا أصبح اليوم مقبولًا مؤقتًا، خاصة إذا أدى إلى وقف النزيف والدمار. أكد أن الولايات المتحدة لا تتدخل مباشرة في صنع القرار العسكري، لكنها تبقى الضامن الرئيس للمسار التفاوضي، وتضغط من أجل تسوية تسرع في إنهاء الأزمة.

دور مصر وتثبيت التوافق الوطني

لعبت مصر دورًا رئيسيًا في طرح المقترح الأخير، إذ عقدت اجتماعات مع سبع فصائل فلسطينية لتوحيد الموقف، واستضافت رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، في خطوة لإعادة الاعتبار للسلطة الفلسطينية كالممثل الشرعي الوحيد. وطرحت مصر ترتيبات عملية مثل تشكيل لجنة إسناد مجتمعي وتدريب عناصر من الشرطة في مصر والأردن، بهدف إعداد الظروف للمرحلة المقبلة بعد الحرب، وتثبيت السلطة الفلسطينية لضمان استقرار وحكم فلسطيني موثوق به.

المأساة الإنسانية والضغط الأخلاقي

تتصاعد معاناة السكان في غزة، مع سقوط أرقام ضخمة من الضحايا وتدمير واسع، وفرض الحصار الذي يعاني فيه الأطفال من المجاعة والخطر. وصف وائل محمود الوضع بأنه حرب تجويع، محذرًا من أن استمرار الحرب يزيد من معاناة الإنسان، وموضحًا أن الإفراج عن الرهائن يتطلب بداية مباشرة لمباحثات السلام، وأن استمراره بمعزل عن حل إنساني سيمضي في تعميق المأساة، وهو ما يؤدي إلى ضغط داخلي وخارجي على إسرائيل، خاصة في الرأي العام الغربي، الذي يرى أن استمرار الحرب ينتهك القيم الإنسانية ويشكل جريمة ضد الأبرياء.

المشهد النهائي والتحدي الكبير

يتسم الوضع اليوم بالتعقيد، فحماس أبدت موافقتها على المقترح مع ضمانة أمريكية، لكن إسرائيل ترفض الرد بسرعة وتتمسك بشروطها، وسط تداخل الضغوط الداخلية من الأحزاب الحاكمة والأهالي، مع الضغوط الخارجية من الولايات المتحدة والدول العربية، بحيث يجد نتنياهو نفسه أمام خيار صعب بين قبول صفقة قد يُنظر إليها على أنها تنازل، أو المضي قدمًا في عملية اجتياح قد تكون محفوفة بالمخاطر. كل يوم يمر يعمق المأساة، ويزيد الانقسام، ويضع الجميع أمام اختبار أخلاقي، حيث قد يكون الأمل الأخير لإنهاء الحرب هو فرصة لإنقاذ ما تبقى من غزة أو أن يفوت الأوان على ذلك.

مقالات ذات صلة