رئيس التحرير: سراب حسان غانم
مدير التحرير: رماح اسماعيل

عاجل | غارات إسرائيلية وتوترات السويداء.. هل تواجه دمشق معركة بقاء؟

شارك

تعيش سوريا في مرحلة حرجة تتشابك فيها التحديات الأمنية مع الضغوط الداخلية، حيث تستمر هجمات إسرائيل على أراضيها وتتصاعد التوترات في محافظة السويداء، وسط سعي الأكراد والعلويين لتعزيز مواقعهم السياسية والعسكرية.

تُعبّر هذه الديناميات المعقدة عن حجم الضغوط التي تواجهها دمشق في محاولتها الحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها، بينما تتصارع مصالح محلية وإقليمية وأجندات دولية على النفوذ في سوريا.

مواجهة التحديات بعد الحرب

ذكر الكاتب حسن الدغيم خلال حديثه أن سوريا تجاوزت العديد من الأزمات الكبرى، بدءًا من العصابات الانفصالية المرتبطة بقنديل، ومرورًا بالضغوط الدولية ووجود ميليشيات إيرانية وروسية على أراضيها. على الرغم من هذه الظروف الصعبة، تمكنت الحكومة السورية من بسط سيطرتها على معظم المحافظات، فيما بقيت مناطق مثل السويداء، الحسكة، الرقة، وجزء من دير الزور خارج السيطرة الكاملة، مع استمرار التحديات الأمنية والسياسية.

أشار الدغيم إلى أن التحديات الحالية أصعب من تلك التي مر بها السوريون خلال سنوات الحرب، خاصة مع استمرار القصف، والنهج الدولي المتمثل في محاولة سحب النظام من المؤسسات الدولية. مع ذلك، يظل وجود السوريين في قلب دمشق مؤشراً على جهود الدولة لمعالجة الملفات الداخلية بأسلوب سوري وطني، بعيدًا عن الضغوط الخارجية.

يرى أن المحور الأساسي اليوم هو إعادة ضبط الوضع الداخلي على أسس وطنية، مع التركيز على الأمن والاستقرار، متجنبين الانجرار نحو صراعات داخلية أو تفاهمات قد تفضي إلى انقسامات داخلية. وإدراكًا لتعقيد التوازن بين مكونات المجتمع السوري من عرقيات وطوائف، فإن نجاح البلاد يعتمد بشكل رئيسي على الحفاظ على وحدة الأراضي ومعالجة الأزمات بطريقة تضمن استمرار النسيج الوطني دون الدخول في مواجهات داخلية مستعصية.

حساسية ملف السويداء والمكونات العرقية

تُعد محافظة السويداء من المناطق الحساسة بسبب الخصوصية الاجتماعية والطائفية ووقعها الجغرافي والسياسي المهم. أكّد الدغيم أن غالبية المكوّنات، بما فيها العلويون والأكراد، تتواصل مع الحكومة السورية وتؤكد على وحدة الأراضي، محذرًا من أصحاب الأهداف القومية والانفصالية الذين يسعون لتقسيم البلاد، مؤكدًا ضرورة التعامل مع كل ملف بحذر شديد، مع مراعاة حساسيات المرحلة ومتطلبات الارتباط الدولي.

يُؤكد أن أولوية الدولة حاليًا هي الأمن والوحدة، وأن أي محاولات للم شمل المكونات يجب أن تتم بحذر لضمان استقرار البلاد، حيث أن التحديات تتطلب معالجة التوترات التاريخية والقبلية بشكل يحقق توحيد الموقف الوطني، ويحمي البلاد من محاولات التآمر الخارجي القائم على استنزاف السيادة السورية.

التحديات الاقتصادية والاجتماعية

لفت عمار وقاف إلى أن الضغوط الاقتصادية تتزايد على الفئة العلوية، بعد أن فقد الكثير منهم وظائفهم نتيجة الأزمات التي ترافقت مع الحرب. وأكد أن الوضع العام هش، ويحتاج إلى جهود لإعادة بناء الثقة الاجتماعية وتحقيق استقرار اقتصادي مستدام. أشار إلى أن تمثيل العلويين يقتصر على شريحة محددة، وأن تجربة الأكراد في الشمال تُظهر أن أي شكل من أشكال الفيدرالية أو المركزية يتطلب خطوات مدروسة، وأن تحقيقها بشكل كامل غير ممكن حاليًا.

الملاحظ أن الانقسامات الاجتماعية والاقتصادية تؤثر ليس على العلويين فقط، بل تشمل باقي المكونات، خاصة الشباب الذين لم يعرفوا الحرب إلا من خلال معاناتها، وهو ما يجعل معالجة هذه الانقسامات أولوية للحفاظ على استقرار البلاد وتوحيد الجبهة الداخلية.

التهديدات الإسرائيلية والخيارات الاستراتيجية

أكد الدغيم أن إسرائيل تستغل هجمات الغارات على الجنوب السوري لثني سوريا عن تطوير قدراتها العسكرية، مع محاولة إضعافها من خلال تلك العمليات. غير أنه أشار إلى أن سوريا لا تنوي خوض حرب مفتوحة في ظل الظروف الراهنة، وأن استراتيجيتها تركز على تعزيز أمنها الداخلي. وشدد على أن الحل لا يمكن أن يكون عسكريًا فقط، بل يحتاج إلى جهود سياسية واجتماعية لتعزيز وحدة البلاد والتصدي للمخاطر الخارجية.

انطلاقًا من ذلك، يرى أن التوازن الاستراتيجي الحالي يتطلب من دمشق التركيز على إدارة ملفاتها الداخلية مع التعامل بحذر مع التهديدات الإقليمية والدولية، لضمان استمرار السيادة و تعزيز مكانة سوريا على الصعيد الإقليمي.

إعادة الإعمار والتوافق الوطني

ذكر الدغيم وقاف أن المرحلة الحالية تستدعي إعادة دمج جميع مكونات المجتمع السوري، بما فيها العلويون والشباب، مع معالجة الانقسامات الطائفية والإيديولوجية. ينبغي التركيز على تحسين البنية التحتية، إعادة النازحين، ودعم الاقتصاد الوطني، مع بناء برامج ثقافية واجتماعية تعزز الوحدة وتكسر الحواجز بين الفئات المختلفة.

الأولوية اليوم هي لتعزيز الاستقرار الاجتماعي والسياسي، إذ أن إعادة الإعمار لا تقتصر على المشاريع الاقتصادية، وإنما تشمل تعزيز التماسك الوطني من خلال برامج تهدف إلى إذابة الفوارق وبناء نسيج مجتمعي متماسك، لضمان استدامة الأمن والاستقرار على المدى الطويل.

التركيز على الأولويات الوطنية

شدد الخبراء على أن الهدف الأساسي هو ضمان الأمن والاستقرار، مع تجنب الدخول في صراعات سياسية أو تحالفات قد تزيد من التصدعات الداخلية. يرى الدغيم أن إدماج المجتمعين يحتاج إلى حساسية عالية وخطوات مدروسة، مع ضمان أن تكون الدولة هي الضامن لوحدة الأراضي ويحافظ على استقرار البلاد.

أما وقاف، فذكر أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي يجب أن يكون على رأس الأولويات، لأن أي التهاب في الملفات الداخلية قبل معالجتها قد يؤدي إلى تصعيد الانقسامات وتزايد التوترات. يؤكد أن نجاح سوريا في المرحلة القادمة يتطلب استراتيجية متوازنة تتضمن تعزيز الأمن الداخلي، وإصلاح الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وتحقيق التوحد الوطني بعيدًا عن الضغوط الخارجية التي تهدف إلى تفكيك الدولة.

تواجه سوريا اليوم مفترق طرق بين ضرورة الحفاظ على استقرارها والوضع الداخلي المضطرب، والخطر الخارجي المتمثل في التدخلات الإقليمية والدولية. إن الرسالة الأساسية من تصريحات الدغيم ووقاف واضحة: لا سلام ولا استقرار حقيقي بدون وحدة وطنية، وإعادة بناء النسيج الاجتماعي والسياسي، ومعالجة الانقسامات، والعمل على استعادة السيطرة والشرعية في جميع المناطق السورية، خاصة مع استمرار التهديدات الإسرائيلية والضغوط الداخلية والخارجية.

مقالات ذات صلة