رئيس التحرير: سراب حسان غانم
مدير التحرير: رماح اسماعيل

عاجل | حماس وغزة والاستنزاف.. تفاصيل حرب “المناورة الطويلة

شارك

بدأت حركة حماس في قبول وقف إطلاق النار بشكل سريع بعد أن عرض الوسطاء المبادرة، ومن دون أن تطلب تعديلات عليها أو تستغرق وقتًا في التفاوض. هذا القبول المباشر أثار تساؤلات حول دوافع الحركة وسرعة استجابتها، إذ دفع البعض إلى الاعتقاد بأنها تظهر علامات ضعف أو يأس، خاصة بعد مرور أكثر من عام على تصعيد الصراع، وخسارتها لكثير من قادتها وتراجع قوتها العسكرية على أرض القطاع.

تحليل أسباب قبول حماس السريع

يوجد من يرى أن هذا القبول ناتج عن ضغط واضطرار، في ظل حصار خانق وقصف مستمر، وغياب دعم إقليمي فعال. فبعد نحو عامين من العمليات العسكرية القاسية والحصار، لم يعد لدى الحركة خيارات كثيرة، مما جعلها تتراجع بسرعة وتقبل بالمبادرة. لكن آخرين يرون أن الأمر قد لا يكون فقط استسلامًا، بل ربما يمثل مناورة استراتيجية، تظهر أن حماس لا تزال قادرة على الصمود والمباغتة، رغم الضربات التي تلقتها.

تمكنت حماس، على الرغم من كل الضربات والتراجع في نفوذها، من الحفاظ على قدر كبير من القوة القتالية بفضل تغييرات في استراتيجيتها وتكتيكاتها خلال الحرب. إذ لجأت إلى عمليات هجومية مستمرة من أنفاقها ومن داخل القطاع، وقامت بهجمات نوعية، مما جعل إسرائيل تواجه صعوبة في السيطرة على القطاع، وتحول الأمر إلى حرب طويلة ومعقدة تتطلب جهود كبيرة من قبل الاحتلال.

تطور استراتيجية حماس وحدودها

خلال العمليات، تبين أن حماس غيرت من استراتيجيتها لمواجهة التحديات، حيث ركزت على التصعيد من عملياتها العسكرية بشكل مستمر، واستهدفت قوات الاحتلال من الأنفاق، وأطلقت هجمات متفرقة في مناطق مختلفة من القطاع، مهددة بمحاولة استهداف جنود وأهداف إسرائيلية بشكل أكثر فاعلية. ومع عودة التوغلات الإسرائيلية إلى داخل المناطق السكنية، بدأت حماس في إعادة تجميع قواتها وتحقيق نوع من التوازن، رغم الخسائر المستمرة.

بالرغم من الحصار والتحديات، أظهرت حماس قدرة على تجديد قواتها البشرية، حيث لم تؤثر اعتقالات قيادات كبيرة أو خسائر في صفوف المقاتلين على قدراتها، إذ يعتقد بعض التقارير أنها تمكنت من جند آلاف المقاتلين الجدد رغم كل الضربات. ويعزز صمودها شبكة الأنفاق التي أحبطت محاولات إسرائيل تدميرها بشكل كامل، حيث ظلت هذه الأنفاق قنوات مهمة لتهريب الأسلحة وتقليل الخسائر، وتوفير ملجأ للمقاتلين والأسرى.

موقف الفصائل والأطراف الداخلية والخارجية

اعتمدت حماس على تعزيز علاقاتها مع الفصائل الداخلية، خاصة الجهاد الإسلامي، لتعزيز موقفها، خاصة أنها لم تكن على تواصل مباشر مع محور المقاومة بقيادة إيران، بل اتجهت للتحالف مع فصائل أخرى داخل القطاع. وعلى الرغم من ذلك، بدأت تظهر خلافات بين الفصائل حول مسألة استمرار الحرب أو القبول بوقف إطلاق النار، حيث طالبت بعض الفصائل بأن تستمر المقاومة، فيما بدأت حماس تتجه نحو قبول المبادرات، عبر تضحيات وتحركات تكتيكية، تمكنها من الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية.

تجد حماس دعمًا داخليًا من السكان الذين يعانون من نتائج الحرب، رغم أن بعض الاحتجاجات بدأت تظهر، خاصة مع قطع المساعدات وتدهور الظروف المعيشية. كما أن إسرائيل حاولت دعم فصائل مناوئة لحماس، بهدف إضعافها، عبر فتح معسكرات وتنفيذ عمليات داخل القطاع، مما زاد من كراهية السكان وعمق الأزمة الإنسانية.

توازن القوى بين طرفي الصراع

أصبحت موازين القوة بين إسرائيل وحماس أكثر معكوسة، فإسرائيل تمتلك قدرات عسكرية هائلة، ولكنها تواجه صعوبة في تجنيد العدد الكافي من الجنود لغزو غزة، بينما تواصل حماس توسيع عملياتها وتجنيد عناصر جديدة، رغم الخسائر الكبيرة. الاقتراحات بالوقف، التي تعتمد على مبادرات قديمة، تبين أن إسرائيل لا تتعامل معها كفرص تفاوض حقيقية، بل كوسائل لإعادة فرض سيطرتها أو الانتظار لتمكنها من تحقيق أهداف عسكرية أكبر.

استمرار حماس في تنفيذ عملياتها وتصعيدها، يعكس رغبتها في إضعاف الاحتلال ومحاولة فرض شروطها، في حين أن إسرائيل تسعى إلى إنهاء المقاومة بالقوة، بالرغم من أن ذلك يتطلب وقتًا وجهودًا واسعة. ومع ذلك، فإن الموقف الحالي يضع الطرفين على مسار متقارب نحو مزيد من التصعيد أو الحلول الجزئية، بحسب تطورات الأوضاع الحاسمة في المنطقة.

مقالات ذات صلة