يقترب موعد الأول من سبتمبر، الذي حدده الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كمهلة لموسكو لإظهار استعدادها للجلوس إلى طاولة المفاوضات، في حين تتصاعد الأحداث على الساحة الدولية. تتواصل العملية العسكرية الروسية على الحدود الشرقية مع أوكرانيا، مع حشد قوات ضخمة، في مقابل قرار أمريكي بتزويد كييف بصواريخ كروز بعيدة المدى، مما يعكس تصعيداً عسكرياً وارتباكاً دبلوماسياً واضحاً، تبرز آثاره من خلال “فضيحة ويتكوف” التي زادت من شكوك المجتمع الدولي حول مدى دقة الاتصالات بين الأطراف.
تطورات وتبدلات في الموقف الأوكراني
أقر زيلينسكي علناً بعدم قدرة بلاده على استعادة الأراضي التي احتلتها روسيا عبر القوة العسكرية، مما وضع قضية الضمانات الأمنية في مقدمة النقاشات. يطالب أوكرانيا بتحقيق ضمانات طويلة الأمد لحمايتها من مخاطر التدخل الروسي، بينما تضغط موسكو من جهتهم بحماية مصالحها وأمنها القومي. أكد زيلينسكي أن الأوروبيين أعطوا روسيا مهلة حتى بداية سبتمبر، وإذا لم تتجاوب موسكو، فسيطالب بلقاء مباشر، ملوحاً برد فعل حال تجاهل الأخيرة المهلة التي وضعها.
مبادرات وحوارات دولية غير محسومة
أبدى زيلينسكي استعداده لمشاركة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في محادثات مباشرة، وهو يدرك أهمية الدعم الأمريكي في دفع التسوية. في مقابل ذلك، أثيرت قضية “فضيحة ويتكوف” بعد لقاء غير رسمي للمبعوث الأمريكي مع الرئيس الروسي، مما أدى لارتباك في تفسير الرسائل الدبلوماسية، وأدى إلى إشاعات عن استعداد موسكو لتقديم تنازلات، رغم أن الجانب الروسي يصر على رفض التفاوض دون تحضير مسبق وتنازلات واضحة.
الموقف الروسي وبرامج التحضير
لا تظهر موسكو توجهاً للتسوية، ويؤكد خبراء أن أي لقاء مع زيلينسكي يجب أن يتم عبر وسطاء وتحت ظروف تحضيرية صارمة، مع احتمال أن يكون الغرض منه مجرد استعراض من قبل أوكرانيا، وليس تفاوضاً حقيقياً. يظل موقف روسيا ثابتاً بعدم التراجع عن الأراضي التي ضمتها، وتأكيدها على أن العملية العسكرية ستستمر برغبة في حماية مصالحها.
ضغوط أوروبية وأزمة الدعم
تواجه أوروبا تحديات أمنية واقتصادية، حيث تتصاعد مخاوفها من تهديدات موسكو، وسط ضغوط من قادتها لدعم أوكرانيا بشكل أكبر، مع مناقشة خيارات إرسال قوات عسكرية أو العمل تحت مظلة الناتو، وهو ما تعتبره موسكو استفزازاً مباشراً. التباينات الأوروبية تثير جدلاً حول احتمالات إعادة التفكير في الانضمام إلى الناتو، مع احتمال أن يؤدي ذلك إلى سباق تسلح يدفع المنطقة نحو حالة من التوتر المماثلة لفترة الحرب الباردة.
تزويد أوكرانيا بصواريخ كروز الأمريكية
أعلنت إدارة ترامب عن الموافقة على تزويد كييف بصواريخ كروز عالية الدقة بمدى يصل إلى 463 كيلومتراً، مما يمنح أوكرانيا أدوات جديدة للضغط على روسيا، إلا أن أثرها في تغيير مسار الحرب محدود بسبب تفوق روسيا في مجالات أخرى. إلا أن هذه الخطوة تحمل دلالات سياسية خطيرة، إذ قد تدفع كييف لاستهداف العمق الروسي، مما يزيد من احتمالات تصعيد غير مسبوق، وربما يهدد منشآت نووية.
هل يلتقي بوتين وزيلينسكي قريباً؟
يرى خبراء أن اللقاء المباشر بين الرئيسين لا يبدو مرجحاً في الوقت الراهن، إذ ترفض موسكو دون وساطة، ويعرف زيلينسكي أن بوتين لن يتراجع، مما يجعله يختار محاولة استعراض قوتها السياسية عبر التظاهرات الداخلية والدولية، مع ملاحظة أن الهدف من ذلك هو فرض شروط أمام الداخل وأصدقائه الأوروبيين، ويظل الحل السياسي بعيداً في ظل استمرار التوترات.
تأثير الضغوط على إدارة ترامب
تتعرض إدارة ترامب لضغوط من المؤسسات العسكرية واللوبيات النفطية التي تستفيد من استمرار الحرب، حيث تحقق أرباحاً من مبيعات النفط والغاز لدول أوروبا بأسعار مرتفعة. يُتهم ترامب في الداخل الأميركي بالارتجال في إدارة الدبلوماسية، خاصة مع اتهامات بعدم وجود استراتيجية واضحة، رغم أن البيت الأبيض لا يزال طرفاً محورياً، خاصة في محاولة الضغط على الأوروبيين لخفض دعمهم، والتواصل مع موسكو، وهو أمر أشار إليه ويتكوف بأن الاتصالات مع روسيا تجري بشكل مستمر.
الاستعدادات الروسية والتوتر العسكري
التسريبات عن نشر روسيا لقوات تصل إلى 100 ألف مقاتل على حدود بوكرون أثارت قلقاً دولياً، في حين تبرر موسكو تلك الحشود بأنها إجراء احترازي في ظل حالة الحرب وتوسع حلف الناتو قرب حدودها. ترى موسكو أن هذه المناورات ليست تصعيداً وإنما تحضيرات لمواجهة أي تدخل غربي مباشر، مع استمرار المفاوضات بين الأطراف ودخولها في حالة من التوتر الشديد، حيث يسعى كل طرف لتحسين مواقفه عبر الضغوط العسكرية والديبلوماسية قبل أي خيار تفاوضي محتمل.
يعكس المشهد الحالي حالة من التعقيد، حيث ترفع روسيا سقف مطالبها، وتطالب أوكرانيا بضمانات أمنية، بينما أوروبا تحذر من توتر يتجه نحو عودة أجواء الحرب الباردة، وواشنطن تراوح بين دعم أوكرانيا وضغط على موسكو، وسط تواصل محاولات التفاوض بين الأطراف، رغم أن الطريق إلى حل سلمي بات يبدو بعيد المنال، مع استمرار الحرب كمواجهة بين موسكو وحلف الناتو بكامل عناوينها السياسية والعسكرية.







