رئيس التحرير: سراب حسان غانم
مدير التحرير: رماح اسماعيل

عاجل | روسيا تتجه نحو حسم عسكري في أوكرانيا

شارك

تقدم روسي وتداعياته على الأرض

تتصاعد الأزمة في أوكرانيا مع تقدم القوات الروسية بشكل متسارع على مختلف الجبهات، وأعلنت موسكو أنها تقترب من السيطرة الكاملة على لوغانسك فيما يفصلها عن ذلك وجود مساحات تفصلها أقل من 60 كيلومتراً مربعاً، وتُشير تقارير إلى اتساع نفوذها ليشمل نحو 79% من أراضي دونيتسك. وأكد قائد الجيش الروسي فاليري غيراسيموف أن العمليات العسكرية مستمرة بوتيرة عالية على طول خط الجبهة مع التركيز على إقامة مناطق عازلة في سومي وخاركيف بهدف تأمين الحدود ومنع أي هجمات مضادة. تعكس هذه الاستراتيجية رغبة موسكو في فرض الوقائع على الأرض قبل أي مفاوضات محتملة.

اغتيال باروبي وصدمة داخلية

شهدت مدينة لفيف اغتيال رئيس البرلمان الأوكراني السابق أندريه باروبي، وهو الحدث الذي وصِف بأنه عمل إرهابي يمس رموز الهوية الوطنية. أعلنت السلطات عن فتح تحقيق واسع باسم “صافرة الإنذار” للعثور على القاتل، وهو ما يعكس هشاشة الأمن الداخلي وسط الحرب والتحديات التي يواجهها كييف في الحفاظ على تماسكها وقياداتها.

قراءة شوماكوف للحرب وتوقعاتها

قدم الدبلوماسي الأوكراني السابق فولوديمير شوماكوف قراءة تحليلية حادة للمسار العسكري، حيث يؤكد أن موسكو لا تبحث عن هدنة ولا عن تسوية، والسياق يشير إلى أن الحرب قد تطول مع استمرار الانقسامات الغربية وتردد الدعم الأميركي. ويرى أن طول أمد الحرب يرتبط بغياب ضمانات أمنية حقيقية لأوكرانيا وبضعف وحدة الموقف الأوروبي وتردد الالتزام الأميركي في حماية وحدة الأراضي الأوكرانية بموجب التزامات دولية سابقة.

الناتو والحدود التاريخية للتوسع

يؤكد شوماكوف أن الحديث عن توسع الناتو لم يكن السبب الحقيقي لغزو أوكرانيا، فأوكرانيا لم تكن مرشحة للانضمام عام 2014، ثم استغل الروس تلك الحقيقة لتبرير احتلال القرم وأجزاء من دونباس، وتغيرت عقيدة أوكرانيا نحو الناتو لاحقاً كرد فعل على ما يعتبره الروس تهديداً لأمن الدولة. كما يقول إن التوسع الروسي يتصل بطموحات استعمارية قديمة وهو امتداد لسلسلة سياسات تهدف إلى محو الهوية الأوكرانية واستعادة النفوذ على كامل الأراضي.

مخاطر الشروط الروسية والموقف الأوكراني

يوضح شوماكوف أن أي شروط روسية مفترضة ستعني استسلاماً غير مقبول، قد يقود إلى إبادة جماعية وتدمير الهوية الوطنية بما فيها محو الثقافة، لذا فإن القبول بتلك الشروط يعد فرض تعايش مع وجود دولة مهددة بالزوال. يعتبر المقاومة الحالية خياراً وجودياً وأساسياً للحفاظ على الكيان الأوكراني، ما يجعل أي مفاوضات سلام شاملة صعبة في الوقت الراهن أمام تقدم الجيش الروسي وفرضه للوقائع على الأرض.

أوروبا في اختبار الوحدة والدعم الغربي

في أفق الأزمة، يبرز انقسام حاد داخل الاتحاد الأوروبي بشأن مسائل مثل الانضمام إلى الاتحاد وأي تكامل مع الناتو، إضافة إلى الالتزامات الأمنية المتعلقة بمعاهدة بودابست التي كفلت حماية أوكرانيا مقابل نزع سلاحها النووي لكنها لم تُنفذ بالكامل. وعلى الرغم من دعم بعض الدول الأوروبية، يواجه الاتحاد الأوروبي صعوبات في تلبية جميع الاحتياجات العسكرية والمالية لأوكرانيا بينما تتأرجح الولايات المتحدة بين الضغط على أوروبا وتردد في الالتزام، خصوصاً من جانب قادة يعبرون عن ميل إلى التخفيف من فرض عقوبات صارمة على روسيا.

حرب استنزاف طويلة الأمد وآفاقها

يرسم شوماكوف صورة لحرب طويلة الأمد مع وجود روسيا كقوة عسكرية كبيرة وتملك أكبر ترسانة نووية، في مقابل أوكرانيا تعتمد على دعم غربي محدود وغير مضمون. يعزز ذلك احتمال المواجهة الممتدة مع تصاعد المخاطر على الهوية والسيادة الأوكرانيتين ووجود صعوبات في حسم سريع نتيجة الانقسام الغربي وتردد الالتزامات الأميركية وتقدم موسكو على الأرض.

خلاصة الوضع وآفاق المستقبل

يظهر المشهد أن الحرب قد تكون طويلة بلا مفاتيح حل قريب، مع استمرار روسيا في فرض وقائع جديدة ووجود مخاطر على الهوية والوحدة الوطنية في أوكرانيا. تبقى أوروبا أمام امتحان الوحدة والدعم الأميركي في تماسك كييف وقيادتها، بينما تواصل روسيا الاعتماد على الوقت والقدرات الاقتصادية والعسكرية لفرض حقائق على الأرض، في حين تظل أوكرانيا تقاتل للحفاظ على وجودها وهويتها أمام تهديدات تتجاوز المجال العسكري إلى محو الهوية الثقافية في المناطق المحتلة.

مقالات ذات صلة