أوضحت الأمم المتحدة أن العالم بات مجبراً على إدارة الندرة، محذّرةً من أن عدم التعامل مع هذه الأزمة قد يحوّل الماء إلى بوابة لصراعات عالمية.
يبرز نهر الفرات كنموذج حي لتقاسم الموارد المائية بين تركيا وسوريا والعراق، حيث يمثل تحدياً في الإدارة المشتركة لمورد أساسي.
توضح الأمم المتحدة أن نصف سكان العالم يعانون من ندرة حادة في المياه خلال جزء من السنة، بينما يستهلك ربع البشرية أكثر من 80 في المئة من مواردها المتجددة.
يعيش 2.2 مليار شخص بلا مياه آمنة، وتشارك 153 دولة حول العالم أنظمة مائية عابرة للحدود، وهو ما يجعل التعاون في إدارتها أمراً ضرورياً.
واقع متباين على ضفاف الفرات
ينبع النهر من جبال الأناضول في تركيا ليعبر إلى سوريا ثم العراق، وتظهر الصورة وفرة مائية في تركيا مقارنةً بالندرة السائدة في سوريا والعراق.
قال وزير الموارد المائية العراقي عون ذياب إن بلاد الرافدين كانت تعتمد على مياه الفرات والدجلة، لكن بناء تركيا لمئات السدود غيّر المعادلة وأثر في حصص العراق، فيما تؤكد الأمم المتحدة أن العدالة في الوصول إلى المياه شرط أساسي للاستقرار.
وتؤكد الأمم المتحدة أن العدالة في الوصول إلى الماء شرط أساسي للاستقرار.
غياب اتفاق ملزم
شهدت المنطقة اتفاقاً تاريخياً عام 1987 يقضي بتزويد سوريا بـ500 متر مكعب في الثانية، منها 290 للعراق، غير أنه لم يُفَعَّل بشكل كامل.
يشير الواقع الحالي إلى أن العراق يحصل على نحو 100 إلى 200 متر مكعب في الثانية فقط، وهو أقل بكثير من المتفق عليه.
وصف الخبير المائي عادل مختار الوضع بأنه خطير، قائلاً: “اليوم انخفضت الإيرادات المائية من تركيا وسوريا للعراق إلى أدنى مستوياتها، وهو ما يتطلب تعاوناً جماعياً وتكاملاً بين الدول الثلاث لمواجهة المستقبل المائي المجهول.”
وأضاف أن “المياه يجب أن تكون عملاً جماعياً مشتركاً، خصوصاً في ظل التغير المناخي الذي يزيد من معدلات الجفاف والتبخر ويرفع الطلب على المياه.”
أزمة قديمة وآفاق جديدة
أشار إلى أن تركيا لم توقع على اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1997 بشأن استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية، ولذا يظل اتفاق 1987 قديماً ويحتاج إلى تحديث، وهو ما ترفض أنقرة.
وحذر من أن الرفض قد يقود إلى نزاعات مستقبلية، ما يفرض على تركيا وسوريا والعراق الجلوس إلى طاولة المفاوضات لصياغة اتفاقيات جديدة تضمن وفرة مائية وعدالة في تقاسم الموارد.
حلول مقترحة
يبدأ الحل بتنظيم اجتماعات ثلاثية لتكامل إدارة المياه والزراعة وتبني أساليب حديثة مثل الري المغلق والزراعة الذكية، مع تعزيز مشاريع مشتركة لتحلية المياه وإعادة تدويرها.
يركز أيضاً على تقليل الفاقد من خلال تقنيات الري الحديثة وتحسين كفاءة استهلاك المياه، مع الابتعاد عن فكرة السيطرة على الملف والتركيز على تعاون إقليمي يحفظ حقوق الجميع.
رسالة تحذير
وجه المختار رسالة إلى قادة الدول الثلاث بأن التكامل هو الحل الأمثل لمواجهة التغيرات المناخية وظواهر مثل النينو، بينما التمسك بالنزاعات والسيطرة قد يفاقم أزمات المياه والسياسة.
نعمل على تطوير الزراعة ونرشد استهلاك المياه وننظر إلى الماء كمورد مشترك لا كساحة صراع، فالمستقبل يتطلب اتفاقيات جماعية تحفظ حقوق الشعوب وتجنب العالم حروب المياه.
خلاصة
يظل نهر الفرات شاهداً على معادلة رخاء في المنبع وندرة في المصب، وتزداد مخاطر عدم وجود اتفاق ملزم ينظم الحصص ما لم يعتمد نهج التعاون والتكامل.







