أثارت كارثة الانهيار الأرضي في جبل مرة ردود فعل دولية ومحلية حول الشرعية في السودان، الموزعة بين ثلاث حكومات: حكومة يقودها الجيش في بورسودان وتسيطر على الولايات الشمالية والوسطى والشرقية، وسلطة مدنية شكلتها حركة عبد الواحد نور في منطقة جبل مرة، وحكومة تحالف تأسيس التي أدت القسم وتدير إقليم دارفور وأجزاء من كردفان.
مأزق الشرعية وتوازن القوى
وخلال التعامل مع الكارثة، اختلفت مواقف حكومات بورسودان وتحالف تأسيس والسلطة المدنية في جبل مرة حول طريقة الاستجابة.
خاطب عبد الواحد نور المجتمع الدولي مباشرة طالباً الدعم والمساعدة، ونادى الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة بمساعدة في انتشال الجثث من تحت الطين والأنقاض.
وأكدت حكومة تحالف تأسيس اتصالها بنور لتقييم حجم الكارثة وتحديد الاحتياجات العاجلة، وأعلنت المنطقة منطقة كوارث، بينما اكتفت حكومة بورسودان بالاستعداد لتسخير الإمكانيات الممكنة لمساعدة المتضررين.
لم يخاطب الاتحاد الإفريقي أيا من الحكومات الثلاث، وقال في بيان: تعازيه لأسر الضحايا، وعميق تعاطفه مع الشعب السوداني، ودعا إلى إسكات البنادق وتوحيد الجهود لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية الطارئة بسرعة وفعالية.
ولم تقر الأمم المتحدة في بيانها الرسمي ذكر أي من الأطراف الحاكمة الثلاثة، مؤكدة أنها ستعمل على الاستجابة للكارثة مع شركائها.
وفي برقية من الفاتيكان، أعرب البابا ليون الرابع عشر عن حزنه العميق، مشيداً بالسلطات المدنية وفرق الطوارئ في جهود الإغاثة المستمرة.
ويرى مهدي الخليفة، وزير الدولة الأسبق بالخارجية السودانية، أن غياب ذكر الحكومة السودانية في بيان الاتحاد ليس مجرد مسألة بروتوكول بل رسالة سياسية مفادها أن السودان يعيش أزمة تمثيل وشرعية منذ انقلاب أكتوبر 2021.
ويضيف لموقع سكاي نيوز عربية أن منذ انقلاب أكتوبر 2021 تتجنب بيانات الاتحاد الإفريقي ذكر الحكومة وتستخدم تعابير مثل الأطراف السودانية أو القيادات السودانية، ما يعكس واقعاً لصراع شرعية لا يملك طرف واحد سيادة مطلقة.
ويشير السفير الصادق المقلي إلى مأزق شرعي فعلي دفع الاتحاد الإفريقي إلى تحاشي مخاطبة الحكومة وتقديم التعزية للشعب السوداني، قائلاً إن الاتحاد لا يعترف بسلطة عبد الواحد في جبل مرة ولا بحكومة تحالف تأسيس في نيالا، ولا يعترف بالحكومة في بورسودان إلا بصفة الواقع، واعتبرها تفتقر إلى الشرعية الدستورية وعلّق مشاركة السودان في أنشطة الاتحاد بسبب الانقلاب.
وفي السياق نفسه، يقول الصحفي عبدالرحمن الأمين إن العرف الدبلوماسي يقتضي مخاطبة المؤسسات الإقليمية والدولية حكومات الدول الأعضاء، لكن بيانَيْ الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة تجنّبا الخوض في قضية الشرعية التي تتصارع عليها الحكومتان في بورسودان ونيالا.
ويؤكد الأمين أن بيان الاتحاد الإفريقي حرص على توجيه العزاء للشعب السوداني وأسر الضحايا مع عبارة “تعاطف مع الشعب السوداني” في فقرة أخرى.







