تصعيد ميداني وتحركات إسرائيلية واسعة
تشهد غزة تصعيداً ميدانياً غير مسبوق، حيث أعلنت إسرائيل تعبئة عشرات الآلاف من جنود الاحتياط واستعدادها لاقتحام القطاع في عملية قد تحمل سيناريوهات للسيطرة أو فرض حكم عسكري محدود.
وتأتي هذه التحركات في ظل عزلة دولية متزايدة وتراجع في الدعم الخارجي، مع تزايد الدعوات الأوروبية للاعتراف بدولة فلسطينية وتحذيرات أميركية من مخاطر إنسانية وسياسية مرتبطة بالتصعيد.
يطرح خبراء أسئلة محورية حول إمكانية عزل المعركة عن تداعياتها السياسية، وما الأوراق المتبقية إذا فشلت الأهداف العسكرية، وكيف ستتعامل إسرائيل مع فشل ميداني وسط ضغوط دولية متزايدة.
المسار العسكري والإداري المخطط له
يؤكد المحلل إيلي نيسان وجود تحديات مزدوجة في جبهات متعددة، مع نقاش داخلي في الكابينيت بين قيادات الحكومة والجهات الأمنية حول المسارات العسكرية والإنسانية. تتركز الأهداف في هذه المرحلة على إنقاذ ما يقرب من عشرة خطف ودفن جثث أكثر من ستة عشر شخصاً توفوا في عمليات سابقة.
أشار إلى أن فرض الطوق على مدينة غزة وتقييد حركة السكان جزء من إعداد لاجتياح، رغم اعتراض حماس على الإخلاء الطوعي. وأضاف أن الحياة في غزة أصبحت رهينة بين خطوط الصراع، وأن المدنيين ليسوا عرضة للقصف فحسب بل أيضاً لخطوات حركة حماس التي قد تستخدم المدنيين كدرع.
رغم إعلان نتنياهو الرغبة في سحق حماس، يوضح نيسان وجود مسار لإبرام صفقة مشروطة لإطلاق سراح المخطوفين إذا أبدت الحركة بعض المرونة، مع محاولة الحكومة موازنة الهدف العسكري وحماية المدنيين الرهائن.
الضغوط الدولية والداخلية وتوازناتها
يرى المراقبون أن رئيس الوزراء يواجه ضغوطاً داخلية من عائلات المخطوفين وخارجية من المجتمع الدولي، حيث تتجه دول أوروبية نحو الاعتراف بدولة فلسطينية وتُهدد بعقوبات إذا لم تلتزم إسرائيل بمعايير إنسانية، بينما يظل الدعم الأميركي مشروطاً وتحث واشنطن على تفادي كارثة إنسانية.
أشار نيسان إلى أن الإدارة الأميركية تحاول فصل نفسها عن أي كارثة إنسانية وتبحث عن حلول تقلل الأضرار، مع وجود نقاش في الكونغرس حول إمكانية تحقيق أهداف إسرائيل دون خسائر بشرية كبيرة، وأن الولايات المتحدة لا ترغب في أن تكون طرفاً في مشكلة جديدة في الشرق الأوسط.
يؤكد بريندي أن أصواتاً في الكونغرس ومؤثرين إعلاميين تطالب بتقليل الدعم العسكري لإسرائيل أو إعادة توجيهه إلى الداخل الأميركي، لكنها لا تمثل النخبة السياسية ولا تغيّر الموقف الرسمي تجاه تل أبيب. وتتزايد انتقادات بسبب احتمال تأثير الحرب على المدنيين والضغط الدولي المستمر.
الكلفة الميدانية والسيناريوهات المستقبلية
تشير التقديرات إلى أن الجيش الإسرائيلي يسيطر حالياً على نسبة كبيرة من أراضي غزة لكنه لم يحقق أهدافه كاملة، وتستمر الخسائر البشرية والدمار، ولا يوجد مكان آمن لسكان القطاع وللمدنيين النازحين، ما يجعل أي خطوة عسكرية تحمل مخاطر إنسانية وتضع إسرائيل تحت ضغط دولي متزايد.
يتحدث الخبراء عن انقسامات داخلية حول مستقبل غزة بعد الحرب، فبعض الأطراف تريد استمرار العمليات بينما يخشى آخرون تكاليف وخسائر، بينما يضغط المجتمع الدولي نحو حل يحمي المدنيين والمخطوفين ويقلل العزلة الدولية.
سيناريوهات ما بعد الحرب والرهانات الدولية
هناك مقترحات أميركية جزئية لتبادل الأسرى مقابل وقف محدود لإطلاق النار كخطوة مرحلية، لكنها تبقى غير كافية للوصول لحل طويل المدى دون مشاركة دولية أوسع. وتشير المعالجات المطروحة إلى أن الحلول الإنسانية وحدها لا تكفي وتحتاج إعادة توزيع للسلطة وإدارة غزة بعد الحرب، وهو أمر ما يزال غير متوفر بشكل واضح.
تواجه أي خطط طويلة الأمد قيوداً لوجستية في إجلاء السكان وتحديداً في ظل قيود على الحركة، وهو ما يجعل إعادة ترتيب القطاع معقوداً. وفي حال فشل الأهداف العسكرية قد يتزايد العزلة الدولية وتصبح الخيارات بين الاستمرار في الحرب أو التفاوض تحت ضغط دولي متصاعد.
الرهانات الدولية والإقليمية
تتصاعد الضغوط الدولية مع تعزيز الاتحاد الأوروبي لموقف يراعي الأبعاد الإنسانية ويحد من التداعيات الكارثية، وتؤثر مواقف الولايات المتحدة والسعودية وفرنسا في استراتيجية إسرائيل. كان من المعروف أن ترامب كان يترقب نهاية سريعة للحرب كفتح صفحة سلام جديدة، لكن الواقع الحالي يعزز احتمالات استمرار الضغط وتراجع الدعم الأميركي لإجراءات تل أبيب.
تواجه إسرائيل معركة مزدوجة؛ على الأرض سعي الجيش لتحقيق أهداف ميدانية صعبة، وعلى الساحة الدولية تزايد المطالب الإنسانية والتسوية السياسية، فيما تتباين التصورات حول مستقبل غزة بعد الحرب.







