تصريحات نتنياهو وموقف القاهرة العربي
أدانت القاهرة والجهات العربية تصريحات نتنياهو حول مخطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة عبر معبر رفح، واعتبرتها انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية وأبسط المعايير الإنسانية.
أكدت القاهرة رفضها تحويل المعبر إلى باب تهجير، وشددت على أن دورها يتركز في دعم صمود الفلسطينيين وإيصال المساعدات الإنسانية لا في إفراغ غزة من سكانها.
فتح هذا السجال باباً للأسئلة عن مدى قدرة إسرائيل على المضي في المخطط في ظل الرفض العربي، وما إذا كانت ستتراجع تحت ضغط المواقف الإقليمية والدولية، خاصة أن القاهرة أوضحت أن أي خطوة في هذا الاتجاه تمثل تهديداً للأمن القومي المصري وتخالف اتفاقية السلام.
رفض مصري راسخ أكّد وزير الخارجية المصري أن معبر رفح لن يكون منفذاً لتهجير الفلسطينيين، مذكراً بأن مصر تضع إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع المحاصر في مقدمة أولوياتها.
أوضح باحث في مركز الأهرام للدراسات أن القاهرة تتعامل مع القضية من منطلقات قانونية وسياسية ثابتة، وترى أن إخراج الفلسطينيين من أرضهم يمثل نهاية لمشروع الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وأشار عبد الفتاح إلى أن ما يطرحه نتنياهو ليس سوى هجرة قسرية يحاول الدعاية الإسرائيلية تصويرها بشكل طوعي، بينما هي في الحقيقة إكراه عبر الحصار والقتل والتجويع.
وأضاف أن هذه الالتزامات القانونية تجرم التهجير القسري وتعدّه جريمة حرب، وأن اتفاقية السلام لعام 1979 تقضي بعدم الإضرار بالأمن المتبادل، مع ربط الأمر أيضاً بمبادئ فيينا لقانون المعاهدات وما يترتب على ذلك من حق القاهرة في حماية أمنها القومي.
وأشار إلى أن فيينا لقانون المعاهدات يتيح لمصر الانسحاب من المعاهدة إذا أقدمت إسرائيل على إجراءات تمس أمنها القومي، وهو خيار قد يعيد الأوضاع إلى ما قبل 1979 ويعيد النكبة إلى الواجهة.
ويرى عبد الفتاح أن ما يحصل اليوم يعيد إلى الذاكرة نكبة 1948 حين تم تهجير نحو 800 ألف فلسطيني، ويؤكد أن السيناريو ذاته قد يتكرر لكن على نطاق أوسع يشمل عشرات الآلاف أو نحو ملايين الفلسطينيين بحسب التطورات على الأرض.
ويقدم عضو الكنيست الإسرائيلي أكرم حسون رواية مغايرة، إذ قال إن إسرائيل لم تجبر أي فلسطيني على مغادرة غزة إلى مصر، بل إن عشرات الآلاف طلبوا ذلك طوعاً بعد دخول الجيش إلى مناطقهم.
وأوضح أن إسرائيل طلبت فتح معبر رفح استجابة لهذه الرغبات، معتبراً أن القاهرة أساءت فهم الموقف.
وشدد حسون على أن العلاقة مع مصر مستمرة على أساس الاحترام والتقدير، وأن إسرائيل لا تسعى لإضرار هذه العلاقة.
كما لفت إلى أن مصر لعبت دوراً مهماً في الوساطة بصفقات تبادل الأسرى، وأن إسرائيل تقدر هذا الدور.
أما بشأن الحرب، فقد أكد حسون أن الهدف الأساسي لإسرائيل هو القضاء على حماس بكل ثمن، معتبراً أن استمرار وجود الحركة في غزة يشكل تهديداً دائماً.
وأشار إلى أن الحل من وجهة نظر إسرائيل يتمثل في إخراج حماس والسلطة الفلسطينية من إدارة القطاع، أو جهات عربية مثل مصر من هذا الملف.
يتجسد الصدام بين الروايتين حين ترى القاهرة أن ما يجري محاولة منظمة لإفراغ غزة وإعادة إنتاج النكبة، بينما ترى إسرائيل أنه مجرد استجابة لرغبات فلسطينيين يسعون للخروج المؤقت من دائرة الحرب.
لكن عبد الفتاح رد على هذه الرواية معتبراً إياها تضليلاً للرأي العام، مؤكدّاً أن الفلسطينيين لم يطلبوا الهجرة سعياً وراء فرص عمل أو تعليم، بل وجدوا أنفسهم بين خيارين: الموت أو النزوح.
وأوضح أن نتنياهو نفسه يطرح مشروع إسرائيل الكبرى ويتحدث عن إنهاء حل الدولتين، مما يجعل تصريحاتهم جزءاً من توجه استراتيجي وليس مناورة.
ومن بين القضايا التي زادت التوتر ملف الغاز، فإسرائيل لوّحت بسحب الإمدادات من مصر كضغط بشأن معبر رفح، لكن القاهرة ردت بأن البدائل متاحة وأن إسرائيل هي المستفيد الأكبر من شراكتها مع مصر في تسييل الغاز وإعادة تصديره إلى أوروبا.
ويرى عبد الفتاح أن موقف واشنطن يبقى أساسياً في الأزمة، إذ أن الدعم الأميركي المستمر لنتنياهو يثير أسئلة حول المصالح الأمريكية في المنطقة وقد يضعف علاقاتها مع الدول العربية إذا استمر إلى ما لا نهاية.
وأكدت الإمارات أن ضم الضفة الغربية سيشكل خطاً أحمر سيؤدي إلى انهيار الاتفاقات الإبراهيمية، وهو موقف يعكس توازنات القوى الإقليمية والقلق من تغيّرات سياسات إسرائيلية بعيدة عن خطوات السلام المستدام.
التوازنات الداخلية في إسرائيل
تشهد إسرائيل انقسامات حادة في الداخل، فالمعارضة تتظاهر منذ عامين ضد سياسات نتنياهو لكنها لم تغيّر مساره السياسي.
رأى حسون أن المظاهرات تعبير ديمقراطي لكنها لا تغيّر حقيقة أن استطلاعات الرأي ما تزال تمنح نتنياهو الصدارة وتؤكد دعم غالبية الإسرائيليين لتوجّهاته.
كما أكد أن نتنياهو جاد في المفاوضات المتعلقة بالأسرى، وأنه أرسل وفداً رفيع المستوى إلى قطر، مع الإبقاء على شرط عدم منح حماس دوراً في مستقبل غزة.
تهجير سكان غزة
يبقى أن تظل هذه المسألة حاضرة كقضية ملّة أمام المجتمع الدولي والدول العربية لحماية الفلسطينيين ومنع التهجير القسري أو ترسيخ أي نموذج يصفه المجتمع الدولي بأنه تهجير قسري.







