رئيس التحرير: سراب حسان غانم
مدير التحرير: رماح اسماعيل

عاجل | لبنان بين واقعية عون وتشدد حزب الله.. هل هي فرصة أم مغامرة؟

شارك

تصريح جوزيف عون ودلالاته السياسية

أكد الرئيس جوزيف عون أن الحوار مع إسرائيل يمثل خياراً واقعياً لحل المشاكل العالقة، مستنداً إلى التجارب السابقة في ترسيم الحدود البحرية التي جرت برعاية أميركية، وذكر أن الجو العام اليوم يميل إلى التسويات وأن لبنان لا يستطيع تجاهل التحولات الإقليمية وإلا فسيُجر إلى مخاطر التغيرات السياسية والاقتصادية في المنطقة.

وفي المقابل رد حزب الله بحملة على التطورات وهاجم قمة شرم الشيخ باعتبار أن إيران لم تحضر وأن لبنان لم يُدْعَ إليها، وهو ما يعكس استمرار التباين بين الرؤية الرسمية للرئاسة والرؤية الحزبية التقليدية.

موقف متأزم وواقع جديد

قال الكاتب والباحث السياسي سام منسي في حديثه إن حزب الله اليوم في موقف حرج، ويحاكي مقولات إيران التي أصبحت معزولة بفعل الإجماع العربي والدولي على استبعادها.

أوضح منسي أن كلام عون عن التفاوض مع إسرائيل يجب أن يُفهم بحذر، فالرئيس أشار إلى أن سياسة الحكومة أثبتت نجاعتها، وأن إسرائيل لا تفاوض إلا من يوجهها بشكل واضح، مع التأكيد على أن مواجهة إسرائيل ليست بالضرورة عسكرية، بل من خلال موقف سياسي يدعم السلام.

لبنان والسلم الأهلي.. خطوة إلى الأمام

أبرز منسي أن المرحلة المقبلة تتطلب من لبنان خطوات واضحة لتثبيت موقفه السياسي بما يضمن الاستفادة من دعم الولايات المتحدة، وأن الاعتماد على المواقف الأميركية وحدها ليس كافيًا، بل يجب أن يكون الموقف اللبناني ثابتًا ومدعومًا من كل الأطراف. وأشار إلى أن حزب الله، رغم تراجعه في بعض الملفات، لا يزال مهيمنًا على القرار السياسي اللبناني، مما يعقد الانخراط في خطة السلام، وأن الخطوة الأولى هي إعلان خروج لبنان من الصراع العربي الإسرائيلي العسكري، مع الحفاظ على العمل الدبلوماسي لإحياء اتفاقيات الهدنة التي أُبرمت عام 1949، بما يخلق بيئة مناسبة للتفاوض الرسمي مع إسرائيل.

التفاوض كأداة سياسية

تؤكد تجارب لبنان السابقة في التفاوض مع إسرائيل، خاصة تلك المتعلقة بترسيم الحدود البحرية برعاية الولايات المتحدة، أن التفاوض ممكن لكن مشروط بدبلوماسية لبنانية فعالة وواضحة. وأوضح منسي أن الخطوة الأهم هي رفع العمل الجدي بدءًا من هذا الأسبوع وبدء التحضير للمجلس الوزاري بعد عودة نواف سلام من جولته الخارجية للإعلان عن موقف رسمي واضح لدعم التفاوض والعملية الدبلوماسية، مع احتمال خلافات في مجلس الوزراء لكنها ضروريـة لتثبيت لبنان في مسار السلام الإقليمي وتخفيف المخاطر على السلم الأهلي.

دور سوريا.. نهج جديد

تناول منسي العلاقات اللبنانية السورية، معتبرًا أن العودة إلى الملفات القديمة غير مجدية، فبسوريا اليوم ليست كما كانت سابقاً، وأن ملفات الأسرى والاغتيالات يجب التعامل معها بروح واقعية، والانطلاق نحو تعاون لبناني-سوري يخدم السلام الإقليمي. وشدد على أن سياسة حزب الله بالحفاظ على النظام السوري السابق لم تعد مجدية، وأن لبنان يجب أن يركز على الانخراط في مسار السلام العربي–الإسرائيلي بدلاً من إضاعة الوقت في ملفات الماضي.

دعم أميركي واضح

أشار منسي إلى أن دعم الولايات المتحدة للرئيس عون كان واضحاً من خلال رسائل تشجيعية لدفع لبنان نحو تنفيذ التزاماته في نزع سلاح حزب الله والانخراط في خطة السلام، وأن الرئيس اللبناني تلقى دفعة معنوية مهمة يجب أن تتحول إلى خطوات عملية على الأرض، مع شرط أن يحظى الموقف اللبناني بدعم القوى السياسية كافة لضمان استمرارية العمل الدبلوماسي وتلافي أي عرقلة داخلية أو إقليمية.

لبنان بين السلام والدبلوماسية

يتضح من تصريحات عون وتحليل منسي أن لبنان أمام مفترق طرق: إما الانخراط الجدي في عملية السلام تحت إشراف دولي وإقليمي، أو الاستمرار في المراوحة التي قد تقوده إلى عزلة ومواجهة أكبر مع محيطه. وتشمل الخطوات العملية إعلان موقف واضح لخروج لبنان من الصراع العسكري مع إسرائيل، وتحريك اتفاقيات الهدنة وبداية مفاوضات سياسية مدروسة، مع الحفاظ على الاستقرار الداخلي والتوازن مع جميع الأطراف. وفي الوقت نفسه، يتطلب الملف السوري نهجاً جديداً يتجاوز الماضي، مع التركيز على توافق لبناني-سوري يدعم الانخراط الإقليمي في مسار السلام، بعيداً عن سياسات الماضي وحسابات حزب الله التقليدية.

يبقى لبنان اليوم أمام فرصة تاريخية لإعادة رسم موقفه الإقليمي، لكن نجاح هذه الفرصة يعتمد على حسن إدارة ملف التفاوض وتوازن الدعم الدولي مع المواقف الداخلية لتحقيق السلام والاستقرار في وطن لطالما كان مركزاً للصراعات في المنطقة.

مقالات ذات صلة