أبعاد الأزمة الغذائيّة والفساد في السويداء
تشهد محافظة السويداء أزمة غذائية حادّة يتفاقم فيها الفساد والسرقة في توزيع المساعدات على المحتاجين.
تؤكد أصوات من الأهالي وموظفين في جمعيات محلية تفشي الفساد وتورّط لجان وجمعيات محلية في استغلال المساعدات على حساب المحتاجين.
وتواجه الأسر الإذلال يومياً للحصول على سلة غذائية فيما يتبادل مسؤولو اللجان والفاعلون الاتهامات بالسرقة والفساد، في ظل غياب الدولة وصراع الفصائل على النفوذ.
تسجيل يفضح الواقع الميداني
قالت سيدة تعمل في جمعية عين الحكمة في تسجيل مصوّر ظهور على صفحة الجمعية: “في ناس لحد الآن عم تبكي من العازة”، مؤكّدة أن اللجان المحلية التي تشكلت لتقديم المساعدة اكتفت من السرقات وبدأت ببيع المساعدات.
وقالت أيضاً إن بعض المساعدات تُؤمَّن بمبادرات فردية، ودعت من جمعوا الملايين من التبرعات إلى أن يتحركوا لمساعدة أهل السويداء المتضررين.
أثارت هذه التصريحات تفاعل أهالي المحافظة، حيث أكدوا أن المساعدات تذل الناس بدل أن تكرمهم، فكتب أحدهم: “يا حيف ينذل الإنسان ع سلة معونة بعشرين دولار”.
واتهم آخرون اللجان والمشايخ والفصائل بالاستحواذ على المساعدات، وأشار البعض إلى أن الأموال والمساعدات تحوّلت إلى شقق وسيارات بيد تجار الأزمة.
وبحسب التعليقات على التسجيل المصوّر، تكمن المشكلة في أن المساعدات تصل إلى لجان وجمعيات تعتمد على قوائم جاهزة، بينما تُترك عائلات فقيرة خارج التوزيع لأنها لا تطلب المساعدة بدافع الكرامة.
ولم تعد الأزمة الغذائية في السويداء مجرد مسألة إنسانية بل تحولت إلى ساحة صراع بين الفصائل واللجان، وسط تراشق بالاتهامات بين فصائل محلية بسرقة المساعدات وافتعال الحصار لخدمة مصالح ضيقة.
كما يترافق هذا التراشق مع اتهامات متبادلة بالخيانة لكل من يتواصل مع الحكومة لتأمين المساعدات.
البكور: ضغوط ومتاجرة
في هذا السياق خرج محافظ السويداء مصطفى البكور بتصريحات مهاجماً ما وصفه بـ”اللجنة غير القانونية” والفصائل التي تضغط على مديري الدوائر الحكومية وتمنعهم من صرف الرواتب.
وقال البكور: “الفصائل واللجنة غير القانونية تتهم كل من يسعى لتأمين الخدمات والمساعدات الإنسانية بالتواصل مع الحكومة بأنه خائن، بينما هم أول المستفيدين مما يدخل من الحكومة، ويضيقون على غيرهم”.
وأضاف: “إذا كنت تمنع غيرك من الاستفادة، فمن باب أوْلى أن تعيش معاناته، لا أن تتاجر بها. كفى حججاً واهية… الناس تحتاج خبزاً، راتباً، وباقي مقومات الحياة”.
وتساءل البكور: “من أعطاكم الحق أن تحاصروا أهالي محافظة السويداء بأكملها من الداخل؟ من منحكم سلطة أن تكونوا سبباً في معاناة الناس وحرمانهم من أبسط حقوقهم؟”
المساعدات وصراعات النفوذ
تتوضح الصورة من شهادات الأهالي وتصريحات المحافظ حول تفاقم الأزمة واستغلال المساعدات في صراعات النفوذ وفساد اللجان المحلية، فيما يبقى الأهالي الخاسر الأكبر.
وتشير تقارير إلى خلافات داخل المجموعات المسلحة التابعة لحكمت الهجري، واتّهامات بتلاعب في المساعدات الإنسانية واحتكارها لمصالح شخصية.
وكشفت التطورات عن هشاشة الوضع الإنساني حيث تحولت المساعدات إلى أداة نفوذ، وبرزت شهادات لناشطين توثق دخول شاحنات مساعدات إلى المدينة قبل اختفائها، متهمين قادة الفصائل ببيع المواد الإغاثية في الأسواق بدلاً من إيصالها إلى المستحقين.
وكشفت مصادر محلية عن واحد من أكبر ملفات الفساد في السويداء، حيث جرى الاستيلاء على أكثر من 160 مليون دولار من تبرعات المغتربين المخصصة لدعم الأهالي والبنية التحتية منذ أواخر 2024، لتتحول إلى شبكة من الصفقات الوهمية والثراء الشخصي لشخصيات نافذة مقربة من حكمت الهجري.
وتؤكد شهادات من مراكز الإيواء أن المساعدات الغذائية تصل منقوصة أو تُنهَب بالقوة من قبل ميليشيات محلية، ثم تُعاد بيعها في الأسواق بأسعار مضاعفة، ما يجعل الإغاثة أداة للسيطرة والابتزاز بدل إنقاذ المتضررين.







