ظنّ جمهور ليفربول قبل أسابيع قليلة فقط أنه مرشح قوي لتأسيس حقبة جديدة من الهيمنة في البريميرليج. كان الفريق يفوز حتى عندما لا يكون في أفضل حالاته، وبدت جماهيره واثقة أن اللقب في طريقه إلى أنفيلد. لكن الأمور انقلبت رأسًا على عقب بسرعة؛ بعد أربع هزائم متتالية في الدوري الإنجليزي، أصبح موسم ليفربول مهددًا بالانهيار، ومع اقتراب مواجهة كريستال بالاس في كأس الرابطة، تتزايد الشكوك حول قدرة الفريق على النهوض من كبوته.
أزمة دفاعية وتراجع في الأداء
تكمن المعضلة الأكبر لليفربول حاليًا في ضعف الدفاع. فشل في الحفاظ على نظافة الشباك أمام 11 من أصل 13 خصمًا هذا الموسم، واستقبل 19 هدفًا في مختلف المسابقات. المشكلة لا تقتصر على الكرات الثابتة – رغم تلقيهم 6 أهداف منها – بل تمتد إلى سوء التنظيم في التحولات الدفاعية، حيث استقبل الفريق أكبر عدد من التسديدات الناتجة عن الهجمات المرتدة (14) في الدوري.
فان دايك تحت المجهر وتراجع الضغط
الانتقادات طالت القائد فيرجيل فان دايك، الذي بدا أبطأ من ذي قبل، وهو ما أفقده هيبته أمام المهاجمين. ومع ذلك، أكد فان دايك أن الأزمة “جماعية”، مشيرًا إلى أن الخط الخلفي لا يحصل على الحماية الكافية من الوسط، كما كان يحدث في عهد كلوب. بالفعل، انخفض معدل استرجاع الكرة في الثلث الهجومي من 4.5 مرات في المباراة الموسم الماضي إلى 3.3 هذا الموسم، ما يعني تراجع الضغط الجماعي الذي كان سلاح ليفربول الأهم.
صلاح والهجوم وتراجع الفاعلية الهجومية
أما في الجانب الهجومي، فيبدو أن محمد صلاح لم يعد بنفس الحدة المعتادة. الفريق ككل يفتقد القوة التهديفية، إذ لا أحد من المهاجمين يتجاوز معدل 0.42 هدف متوقّع (xG) في المباراة، ما جعل المنافسين أقل خوفًا من خط الهجوم الذي كان يرعب الجميع.
توازن وسط غير مستقر وتعاقدات مثيرة للجدل
خط الوسط أيضًا فقد توازنه؛ دومينيك سوبوسلاي وكورتيس جونز كثيرًا ما يتأخران في التغطية، مما يترك مساحات كبيرة أمام الدفاع. كما أن خيارات الأطراف الجديدة، جيريمي فريمبونج وميلوس كيركيز، لا يجيدان الأدوار الدفاعية بالشكل المطلوب، ما زاد من هشاشة المنظومة. التعاقدات الصيفية التي أجراها ريتشارد هيوز ومايكل إدواردز لم تحقق التوازن المطلوب؛ فالفريق يفتقر إلى لاعب ارتكاز صريح من نوعية فابينيو، القادر على التغطية خلف الأظهرة المتقدمة.
الحل في الشكل التكتيكي وليس في الأسماء
يرى كثير من المحللين أن الحل يكمن في تغيير الرسم التكتيكي، بالتحول إلى ثلاثي دفاعي (3-4-2-1) يمنح الفريق صلابة أكبر، ويسمح للأظهرة بالتحرك بحرية في الهجوم. هذا النظام قد يساعد على استغلال قدرات سوبوسلاي في الضغط، ويمنح فلوريان فيرتس حرية أكبر لصناعة اللعب، مع إكيتيكي في مركز المهاجم الصريح وصلاح في دور المهاجم الحر.
نهاية حقبة أم بداية جديدة؟
رغم أن تغيير الخطة لن يُعيد نسخة فان دايك أو صلاح في ذروتهما، إلا أنه قد يُوقف النزيف الدفاعي ويعيد التوازن إلى الفريق. يبدو ليفربول في حاجة إلى إعادة بناء فكرية وتكتيكية أكثر من حاجته لتغييرات فردية، وربما عندما يتجاوز هذه الأزمة، لن يعود بنفس الشكل الذي عهدناه من قبل. في النهاية، قد تكون الأزمة الحالية نقطة تحول في مسار النادي، فليفربول القادم ربما يُولد من رحم هذا الانهيار فريق مختلف في الشكل، وربما في الروح أيضًا.







