رئيس التحرير: سراب حسان غانم
مدير التحرير: رماح اسماعيل

عاجل | انتقادات لـ«تجارب ترامب النووية»: مكلفة وبلا جدوى استراتيجية

شارك

اعتبر خبراء أن مساعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب لاستئناف التجارب النووية قد تستغرق سنوات طويلة وتكلف ملايين الدولارات، وأنها ستكون بلا جدوى استراتيجية. وتحدث ترامب عبر منصة Truth Social قبيل لقائه شي جين بينغ أن الولايات المتحدة ستستأنف التجارب النووية، موضحاً أن الهدف إجراء تجارب “على قدم المساواة” مع دول أخرى، في إشارة ضمنية إلى روسيا.

وتؤكد واشنطن بوست أن هذه الخطوة تستند إلى شائعة داخل الإدارة تفيد بأن التجارب النووية ضرورية في ظل تصاعد التهديدات النووية من روسيا والصين وكوريا الشمالية، خاصة بعد تحديث أنظمتها النووية خلال السنوات الأخيرة.

الإطار التاريخي والالتزامات الدولية

توقفت التجارب النووية الأميركية في عهد جورج بوش الابن، كما جرت الإشارة إلى حظرها دوليا بموجب معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية عام 1996، وهي معاهدة لم تصادق عليها واشنطن، بينما سحبت موسكو توقيعها منها في 2023.

وجهت أوامر ترامب إلى وزارة الدفاع، لكن الجهة المسؤولة فعلياً عن التجارب هي الإدارة الوطنية للأمن النووي التابعة لوزارة الطاقة، التي تشرف على موقع نيفادا لتجارب النووية شمال غرب لاس فيغاس، حيث أجريت آخر تجربة أميركية في سبتمبر 1992.

وأشار موظفون سابقون في الموقع إلى أن استئناف التجارب سيحتاج إلى تمويل ضخم، نظراً لغياب الكفاءات وتدهور المعدات، حيث تجرى التجارب الحديثة باستخدام النمذجة الحاسوبية والتجارب “دون الحرجة”، التي تتوقف قبل حدوث الانفجار.

وقال المسؤول النووي الفيدرالي السابق بول ديكمان إن الموقع يحتاج إلى إصلاحات كبيرة، مشيراً إلى أن “المعدات مغطاة بالصدأ، كما أن العديد من موظفي وكالة الأمن النووي غادروا أو فُصلوا من مناصبهم”.

كما قال إرنسـت مونيز، وزير الطاقة الأميركي الأسبق في عهد الرئيس أوباما: “إذا كان الهدف مجرد عرض إعلامي، فيمكن أخذ سلاح من المخزون وتفكيكه جزئياً وتفجيره، وقد يستغرق ذلك نحو سنة”.

وأشارت نائبة المدير السابقة لإدارة الأمن النووي كوري هيندرستاين إلى أن “تجربة بسيطة قد تكلف أكثر من 100 مليون دولار”.

يشار إلى أن الولايات المتحدة لم تجرِ أي تجربة نووية فوق الأرض منذ عام 1962، وذلك بعد معاهدة الحظر الجزئي للتجارب النووية عام 1963 التي حظرت التجارب فوق الأرض وتحت الماء وفي الفضاء.

وأجرت موسكو آخر تجربة نووية لها في 1990، بينما تعود آخر تجربة صينية إلى 1996، وتبقى كوريا الشمالية الدولة الوحيدة التي أجرت تجارب نووية في القرن الحادي والعشرين، وآخرها كان في عام 2017.

ودعا المدير التنفيذي لجمعية الحد من الأسلحة داريل كيمبال الرئيس الأميركي إلى توضيح موقفه، معتبراً أن “الأسلحة النووية لا تحتمل إشارات وتصريحات مرتابة”.

وخلال ولاية ترامب الأولى، ناقش كبار المسؤولين احتمال إجراء تجربة نووية، في ظل مزاعم عن تجارب نووية روسية سرية منخفضة القوة، كما دعا مستشاره السابق للأمن القومي روبرت أوبريان إلى اختبار الأسلحة النووية الجديدة “للتأكد من موثوقيتها وسلامتها”.

وكرر السيناتور الجمهوري توم كوتون هذه المزاعم، قائلاً إن “روسيا والصين أجرتا تجارب لتعزيز برامجهما النووية”، بينما نفى خبراء منع الانتشار النووي وجود أدلة دامغة على ذلك.

وقال المدير المشارك لبرنامج السياسة النووية في مؤسسة كارنيغي للسلام جيمس أوبتون إن الولايات المتحدة اكتفت منذ عام 1992 بإجراء تجارب.

ويرى بعض الخبراء أن تصريحات ترامب جاءت رداً على تقارير تطوير روسيا صواريخ وتوربيدات تعمل بالطاقة النووية.

ومنذ وقف التجارب النووية تحت الأرض عام 1992، يجري علماء في مختبرات إدارة الأمن النووي تجارب محدودة لجمع بيانات حول تدهور نوى الرؤوس النووية مع مرور الوقت، علماً بأن بعض الأسلحة المخزنة صنعت قبل أكثر من 50 عاماً.

يتلقى الرئيس الأميركي في كل يناير من وزيري الدفاع والطاقة تقييماً لحالة الترسانة النووية، وأكد مونيز أن جميع التقارير خلال السنوات الأخيرة أجمعت على أنه “لا حاجة لإجراء تجارب نووية”.

ويرى بعض المسؤولين السابقين أن استئناف ترامب للتجارب النووية لن يمنحها أفضلية، بل قد يفقد واشنطن تفوقها التاريخي في هذا المجال.

وبحسب الخبراء، فإن الولايات المتحدة أجرت أكبر عدد من التجارب النووية منذ عام 1945، وتملك قاعدة بيانات وخبرة متراكمة، واستئناف التجارب قد يفتح الباب أمام دول أخرى لاتخاذ خطوات مماثلة وتطوير برامجها النووية.

مقالات ذات صلة