رئيس التحرير: سراب حسان غانم
مدير التحرير: رماح اسماعيل

عاجل | هل ينعش قرار مجلس الأمن آمال الاستقرار في الصحراء الغربية؟

شارك

اعتمد مجلس الأمن الدولي قرارا بأغلبية 11 صوتا يعيد التأكيد أن خطة الحكم الذاتي المقترحة من المغرب قد تكون الحل الأكثر جدوى لإنهاء النزاع المستمر منذ نحو نصف قرن، وفي الوقت نفسه جدد المجلس ولاية بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الإقليم مينورسو لمدة عام إضافي.

ويرى محللون أن القرار يشكل تحولا لافتا ويعكس قناعة داخل المجلس بأن الحكم الذاتي إطار عملي لإنهاء النزاع، ما يمنح المغرب زخما دبلوماسيا ويؤسس لعملية تفاوض جديدة في وقت تشهد فيه المنطقة تحديات أمنية متزايدة في منطقة الساحل الإفريقي.

لكن يحذر بعض المراقبين من أن القرار وحده لا يكفي لتحقيق تسوية نهائية ما لم تُستأنف مفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو برعاية الأمم المتحدة.

ماذا تضمن قرار مجلس الأمن؟

اعتبر المجلس أن منح الصحراء حكما ذاتيا حقيقيا تحت السيادة المغربية قد يكون الحل الأكثر جدوى للصراع، داعيا الأطراف إلى الانخراط في مفاوضات بناء على خطة الحكم الذاتي التي قدّمها المغرب لأول مرة عام 2007. وتنص الخطة على إنشاء سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية محلية ينتخبها السكان، في حين تسيطر الرباط على الشؤون الدفاعية والخارجية والدينية.

ويمثل القرار أحدث وأقوى تأييد من هيئة أممية لخطة الرباط، وتحظى بدعم الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، إضافة إلى غالبية الدول الأوروبية وعدد متزايد من الدول الإفريقية.

وأحجمت روسيا والصين وباكستان عن التصويت، بينما لم تصوت الجزائر، فصوت بقية أعضاء المجلس الـ11 لصالح القرار.

وتتمد الصحراء الغربية على مساحة 252 ألف كيلومتر مربع على الساحل الشمالي الغربي للقارة الإفريقية، وهي منطقة ذات كثافة سكانية منخفضة إذ يبلغ عدد سكانها نحو 567 ألفا وفق إحصاءات الأمم المتحدة والبنك الدولي. ويؤكد المغرب أن الإقليم جزء لا يتجزأ من ترابه ويطرح حكمه الذاتي باعتباره الحل الواقعي للنزاع، بينما تتمسك جبهة البوليساريو بإجراء استفتاء لتقرير المصير كما نص اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع عام 1991.

وترجع جذور النزاع إلى عام 1975 حين وقعت إسبانيا اتفاق مدريد مع المغرب وموريتانيا لتقسيم الإدارة، وهو ما رفضه الصحراويون وأسّسوا البوليساريو للمطالبة بالانفصال.

هل يمهد القرار للاستقرار؟

اعتبرت الخبيرة الأميركية إيرينا تسوكرمان أن القرار يسهم في استعادة الاستقرار ولكنه يعد مدخلا افتتاحيا فقط، فبدعم إطار سياسي يقوم على الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، نقل مجلس الأمن الملف من دائرة النقاشات النظرية إلى مسار عملي ملموس، وهذا يعد عاملا لتحقيق الاستقرار لكنه لا ينهي الوضع الفعلي.

أضافت أن القرار يعكس الواقع على الأرض حيث أُعيد تشكيل مدن العيون والسمارة والداخلة عبر تعزيز الخدمات العامة والطاقة المتجددة، وهو ما يوحي بأن الناس يحتاجون إلى الخدمات اليوم لا الوعود في المستقبل. كما أشارت إلى أن التمديد لولاية مينورسو لعام إضافي يظهر رغبة المجتمع الدولي في متابعة التقدم وتوفير إشراف مستمر خلال مرحلة بناء الثقة والتفاوض.

في المقابل أكد ملك المغرب محمد السادس في كلمته بشأن القرار حرص بلاده على حلول لا غالب ولا مغلوب وعدم اعتبار التحولات انتصارا أو وسيلة لتأجيج الخلافات.

وأشارت الخبيرة الأميركية إلى أن تبني واشنطن وشركائها لفكرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كخيار واقعي وجاد يدفع دولا أخرى للانخراط في هذا المسار، وهو ما وفر زخما دوليا أدى إلى مرور القرار بدون فيتو.

تعزيز الأمن الإقليمي

ومن باريس قال المختص في القانون الدولي وحقوق الإنسان المعتصم الكيلاني إن القرار يشكل اعترافا أمميا صريحا بأن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر واقعية وقابلية للتطبيق، ما يعزز مسار التسوية ويدعو جارته والمؤسسات الدولية إلى تقليص مخاطر التصعيد.

وأضاف أن القرار يمنح المغرب أفضلية داخل المنظومة الدولية ويؤكد قيادته الدبلوماسية، بينما يحجم من مناورة الأطروحات البديلة، وهو ما يمثل تحولا في ميزان الشرعية ويتيح الجزائر خيار التكيف مع المرجعية الأممية الجديدة.

ولفت إلى أن من مصلحة الجزائر اتخاذ مقاربة براغماتية والانخراط في مسار تهدئة يتسق مع المرجعيات الأممية، خاصة مع تزايد عدد الدول الكبرى الداعمة للحكم الذاتي. كما اعتبر أن الموقف الأميركي والغربي حاسم في الدفع بهذا الاتجاه، حيث قادت الولايات المتحدة توصيف الحكم الذاتي كحل الأكثر قابلية، مع تأييد فرنسا وبريطانيا وإسبانيا له طوال الشهور الماضية، مما مهد الطريق لهذا الدعم ومروره دون معارضة كبيرة.

مقالات ذات صلة