أعاد ليفربول العودة إلى الأساليب القديمة من أكثر من جانب، وكانت هذه سمة الأمسية رغم الحاجة إلى لمسة من الحظ لتجاوز أستون فيلا في ظل غياب معظم صفقات الفريق الجديدة.
عودة سلوت إلى الصيغة القديمة تُنهِي سلسلة الهزائم
تغيب جيريمي فريمبونج وألكسندر إيزاك عن المباراة بسبب الإصابة، لكن غياب ميلوس كيركيز وفلالوريان فيرتز كان بقرار من سلوت نفسه.
الصفقة الجديدة الوحيدة التي بدأت المباراة في التشكيل الأساسي خارج حراسة المرمى كانت هوجو إكيتيكي، وليس من قبيل المصادفة أنه اللاعب الوحيد من مجموعة تُقدَّر قيمتها الإجمالية بـ400 مليون جنيه استرليني استطاع التأقلم بسرعة في الدوري الممتاز.
كانت الرسالة واضحة: سلوت قرر الاعتماد على الأساليب القديمة المجرَّبة لإنهاء فترة تراجع فريقه.
وقد بدا ليفربول أكثر تماسكًا نتيجة لذلك، ولا سيما في طريقة الضغط الجماعي؛ إذ شكّل ضغطهم العالي من الخط الأمامي مصدر إزعاج متكرر لأستون فيلا، ما أدى إلى تسجيل الهدف الافتتاحي الحاسم لاحقًا.
العدوانية في خط الوسط التي كانت غائبة عندما يشارك فيرتز، الذي لا يزال يتأقلم مع إيقاع الدوري الإنجليزي، كانت لافتة للغاية.
كلاهما قدّما انطلاقات ذكية إلى العمق، متداخلين نحو الداخل لخلق مساحات هجومية إضافية أمام كودي جاكبو وصلاح، ورغم أن هذا لم يكن له تأثير مباشر على النتيجة، فإن مجرد محاولة سلوت لتجربة شيء مختلف أمر لا يملك فريمبونج ولا كيركيز خبرة كافية في تنفيذه يحمل دلالة كبيرة.
كانت الرسالة أيضًا أن الرؤية التكتيكية لسلوت تنبّه إلى أهمية الحفاظ على توازن الفريق في خطوطه الثلاثة مع تمركزٍ أقرب للثقة في التفاصيل.
كرة فيلا المبنية على المخاطرة والمكافأة ترتد عليهم
من المؤكد أن استعدادات أوناي إيمري الدقيقة شملت تحليل الأهداف التي يستقبلها ليفربول، والتي غالبًا ما تأتي من كرات طولية في القنوات الجانبية أو من خسارة الكرات الثانية، ومع ذلك توصّل المدرب الإسباني إلى استنتاج مختلف عن معظم خصوم ليفربول السابقين.
فقد أخذ فيلا فكرة الخروج بالكرة من الخلف إلى أقصى درجاتها، إذ تعمّد استدراج ضغط ليفربول بتمريرات محفوفة بالمخاطر داخل منطقة جزائه.
لكن كان هناك منطق خلف هذا الجنون؛ فهجماتهم المرتدة الأفضل تكون دائمًا مصطنعة تحت قيادة إيمري: يستدرجون الخصم للأمام، ثم يدورون خلفه وينطلقون بسرعة نحو المساحات عبر مورجان روجرز.
وهذا بالضبط ما فعله فيلا في آنفيلد وكاد ينجح، ففي الدقيقة الخامسة تجاوز الفريق ضغط ليفربول وأطلق روجرز تسديدة قوية ارتطمت بالقائم.
كانت تلك هي المكافأة التي كادت تتحقق في أكثر من مناسبة، لكن المبادرة المقابلة كانت واضحة، فقدان الكرة في مناطق متقدمة يعني ترك دفاع فيلا مكشوفًا.
وفي الدقيقة 23 نجح ليفربول في افتكاك الكرة في موقع متقدم، لينفرد دومينيك سوبوسلاي بالمرمى، وكان ينبغي أن يسجل.
يُحسب لسلوت أنه صرخ في فيرجيل فان دايك مطالبًا إياه برقابة رجل لرجل على روغرز في مثل هذه المواقف، وهو ما نجح في الحد من خطورته في أغلب الأحيان.
واصل أستون فيلا اللعب بشجاعة، لكن المخاطرة كانت أكبر من أن تُحتمل، فتمريرة مارتينيز العشوائية التي جاءت تحت ضغط مباشر، قطعها محمد صلاح وسجّل منها هدفًا في نهاية الشوط الأول، هدف أضعف ثقة فيلا وهدّأ جماهير آنفيلد، وهو في النهاية حاسم في تحديد النتيجة.
قد يوجه كثيرون اللوم إلى إيمري على قراره اللعب بهذه الطريقة، لكن الهدف الثاني لليفربول كان دليلًا على منطقية استراتيجيته.
فعندما اختارت فيلا إرسال الكرات الطويلة، تمدد الفريق طولياً في الملعب، مما أتاح المساحة أمام فان دايك ليهزم بالرأس ويمهِّدها أمام كودي جاكبو الذي مررها إلى راين جرافنبرخ فانطلق من العمق وسجّل الهدف.
العودة إلى سباق اللقب عبر إدماج أبطأ للاعبين الجدد
الدرس المستفاد من هذا الانتصار أن التغييرات الكثيرة والسريعة قد تكون سبباً ولو جزئياً في تراجع مستوى ليفربول مؤخرًا.
يحتل فريق سلوت المركز الثالث في جدول الدوري الإنجليزي الممتاز، بفارق سبع نقاط فقط عن المتصدر آرسنال ومع تبقّي 28 مباراة، ما يعني وجود متسع من الوقت لاستعادة الإيقاع تدريجيًا إذا اختار المدرب الهولندي الاعتماد مؤقتًا على نواة تشكيلة موسم 2024/25.
اتباع هذا النهج سيساعد الفريق على الانسجام منذ صافرة البداية، وعلى تسجيل الهدف الأول الحاسم كما فعلوا أمام أستون فيلا.
فليفربول لم يخسر في آخر 106 مباريات على ملعب آنفيلد في الدوري عندما كان صاحب الهدف الافتتاحي (حقق 96 فوزًا و10 تعادلات)، ما يؤكد أن البداية القوية مفتاح الانتصار.
وإذا تمكن الفريق من الانطلاق بنفس القوة في مواجهة مانشستر سيتي على ملعب الاتحاد الأسبوع المقبل، فبإمكانه الفوز وإعادة إطلاق حملته نحو المنافسة على لقب الدوري.
أما بالنسبة لأستون فيلا، فلا يوجد ما يدعو للقلق كثيرًا نظرًا للأداء الجيد الذي قدمه الفريق في واحد من أصعب الملاعب في البلاد.
لكن إذا كان أوناي إيمري يبحث عن مجالات لتحسينها، فسيلاحظ نقص الإبداع الهجومي لفريقه عند الوصول إلى المناطق الخطرة في آنفيلد.
سجل فيلا تسعة أهداف فقط في عشر مباريات بالدوري هذا الموسم، وهو الأقل لفريق يقوده إيمري بعد عشر مباريات في أي موسم له ضمن الدوريات الخمس الكبرى في أوروبا.
وإذا كان فيلا يريد العودة إلى دوري أبطال أوروبا، فعليه بالتأكيد تحسين هذه الأرقام.







