يواجه السودان تحدياً مركباً في إعادة تعريف موقعه الخارجي وصياغة علاقاته السياسية والدبلوماسية مع جواره الإقليمي والعالم.
وتأثرت العلاقات مع الجيران بسبب الحرب الداخلية المستمرة منذ منتصف 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث تشير تحليلات دولية إلى أن جماعات مرتبطة بنظام البشير تسعى لإدامة الحرب وتعرقل أي جهود دولية لاستئناف التفاوض.
وتبرز في هذا السياق ميليشيات تقودها أذرع تنظيمية سابقة، وتُتهم بأنها تسعى لتصعيد الحرب وتوظيفها لصالح مشاريعها السياسية دون اعتبار للمصلحة السودانية العامة.
تاريخياً بنى التنظيم الإسلامي شبكة واسعة في مؤسسات الدولة عبر ميثاق العمل الإسلامي ثم الحركة الإسلامية، وتمكّن من الوصول إلى السلطة بالقوة، وهو ما يشير إليه الكثير من المتابعين كعامل مركزي في تشكيل بنية الحكم السوداني وترك أثره في الأجهزة الرسمية حتى بعد التغيير السياسي.
بعد اندلاع الحرب، أعادت عناصر الإسلاميين إلى الواجهة داخل مؤسسات الحكومة والجيش، ما أثار مخاوف دولية من توجه السودان نحو محاور متعارضة وجعل العلاقات الخارجية متأرجحة بين الدول العربية والأفريقية الداعمة للاستقرار وبين أطراف تريد استئناف مسار تفاوضي بنّاء.
أبعاد داخلية تؤثر في العلاقات الخارجية
ويرى خبراء أن وجود هذه القوى يصعّب عودة السودان إلى حضن جيرانه العربي والأفريقي، وأن إعادة ترسُّخ نفوذ تنظيم الإخوان في مؤسسات الدولة والجيش يعيق جهود السلام والاستقرار ويؤثر في مصالح السودان الحيوية مع جيرانه.
ومن جهة أخرى، يؤكد بعض المحللين أن الإسلاميين استخدموا نفوذهم الوطني بشكل أناني لتصفية حسابات مع دول عربية رفضت وجود نفوذ لهم، ما يعقد المسار السياسي للسودان ويُبطئ خطوات الانفتاح على العلاقات الإقليمية والدولية.
في واشنطن، يرى باحثون أن الإخوان حافظوا على روابط تاريخية مع حكم البشير وأن التحالفات الإسلامية تلعب دوراً كبيراً في النزاع الداخلي وتثير قلقاً من المسار السياسي الذي قد يتخذه السودان إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
ويؤكد محمد علي كيلاني، مدير مركز رصد الصراعات في الساحل الإفريقي، أن السودان وشعبه ما زالا رهينتي سياسات الحركة الإسلامية التي سيطرت على الحكم منذ عقود، وأن الثورة الحديثة أزالت النظام المرتبط بتلك الحركة لكنها لم تقضِ على التمكين داخل مؤسسات الدولة، مما يجعل التقدم نحو الاستقرار يحتاج إلى معالجة جذرية لهذا النفوذ.







