من مارع إلى قيادة الثورة
وُلد الصالح في بلدة مارع بريف حلب الشمالي عام 1979، وكان أباً لخمسة أطفال، واكتسب لقب “حجي مارع” لكونه من أوائل من نظموا النشاط السلمي والمظاهرات في بلدته، وأول من حمل السلاح فيها، مما جعله رمزاً بارزاً لدى شرائح واسعة من السوريين، الذين رأوا فيه أيقونة من أيقونات الثورة السورية.
وبعد إنهاء خدمته العسكرية في وحدة الأسلحة الكيميائية التابعة لجيش الأسد البائد، اتجه الصالح للعمل في الدعوة الإسلامية ونشاطات اجتماعية داخل سوريا وخارجها، في الأردن وتركيا وبنغلاديش.
كما واصل عمله في تجارة المواد الغذائية حتى انخرط بالكامل في المظاهرات الشعبية عام 2011، حيث قاد الهتافات وشكل لاحقاً المجلس الثوري في حلب وريفها في 21 كانون الأول من العام نفسه.
ومع تزايد عمليات القتل بحق المتظاهرين كان الصالح من أوائل الذين انتقلوا إلى العمل المسلح، فأسس مطلع عام 2012 أول مجموعة مقاتلة في ريف حلب الشمالي حملت اسم “كتيبة قبضة الشمال”، واشتهر ببيع جزء كبير من ممتلكاته لشراء السلاح. واندمجت كتيبته لاحقاً في “لواء أحرار الشمال” ضمن تشكيلات الجيش السوري الحر في 9 آذار/مارس 2012.
قيادة المعارك
قاد الصالح دوراً بارزاً في قيادة سلسلة من المعارك التي شكلت تحولاً بارزاً في مسار المواجهات داخل محافظة حلب وريفها، وجعلت اسمه مرتبطاً بأوسع عمليات التوسع التي نفذها الجيش السوري الحر في الأعوام الأولى للثورة.
وكانت نقطة الانطلاق مع عملية “الفرقان” في 21 تموز 2012، حين قاد دخول مقاتلي لواء التوحيد إلى مدينة حلب عبر الأحياء الشمالية الشرقية، ما مهد لسيطرة واسعة وسريعة على مناطق كانت تعتبر حيوية للنظام البائد.
وفي غضون أيام سيطر المقاتلون على مراكز أمنية بارزة، بينها مقر الأمن في النيرب والشعار وهنانو والصالحين، وثكنة هنانو، ومدرسة المشاة، ومضافة آل بري، وصولاً إلى مشفى الكندي، الذي شكل سقوطه ضربة كبيرة لقدرات النظام في المنطقة الشرقية من المدينة.
وعمّدت المعارك خارج مدينة حلب فبرز دوره في السيطرة على مدينة إعزاز الحدودية مع تركيا، وما تلاها من عمليات في الراعي وجرابلس والبلدات الكبرى في ريف حلب الشمالي.
وساهم الصالح في قيادة معارك محورية مثل اشتباكات مفرزة الأمن العسكري في إعزاز خلال حزيران وتموز 2012، التي رسخت وجود الجيش الحر في المنطقة وفتحت الطريق نحو الحدود. كما امتد حضوره إلى خارج المحافظة، إذ أرسل مجموعات من مقاتلي لواء التوحيد إلى معركة القصير في حمص، التي خاضها الجيش الحر قبل أن تستعيدها قوات النظام بدعم مباشر من حزب الله اللبناني في حزيران 2013.
وفي ريف حماة قاد الصالح معارك “قادمون يا حماة” التي استهدفت مواقع النظام المتقدمة، في محاولة لتدعيم خطوط المعارضة وتعزيز حضورها العسكري في وسط البلاد. وفي تشرين الأول من العام نفسه، انتقل الصالح لقيادة المعارك في السفيرة بريف حلب الجنوبي، التي شهدت واحدة من أعنف الحملات العسكرية في المنطقة، قبل أن تتمكن قوات النظام من السيطرة عليها بعد معارك ضارية، في وقت كان الصالح يتنقل بين خطوط التماس محاولاً الحفاظ على صمود المقاتلين.
وعكست تلك العمليات مجتمعة الدور المحوري للصالح في تثبيت خطوط المعارضة وتوسيع مساحتها، وقيادة معارك متزامنة على أكثر من جبهة، الأمر الذي جعله إحدى أبرز الشخصيات العسكرية وأكثرها حضوراً في المشهد الميداني شمال البلاد.
استشهاده
استشهد الصالح أواخر عام 2013 متأثراً بجراحه بعد استهدافه في غارة جوية أثناء وجوده في مدرسة المشاة شمالي حلب، حيث كان يتفقد مواقع المقاتلين ويشرف على سير العمليات العسكرية.
وأصيب بجروح خطيرة نقل على إثرها إلى داخل الأراضي التركية لتلقي العلاج، قبل أن يفارق الحياة ساعات من وصوله.
شكل رحيله صدمة واسعة في الأوساط العسكرية والشعبية، إذ اعتبر كثيرون وفاته خسارة كبيرة للمعارضة، لا سيما أنه كان أحد أبرز قادتها وأكثرهم حضوراً في خطوط القتال، وارتبط اسمه بمراحل التأسيس والتوسع الأولى للجيش الحر في حلب وريفها.







