تحريك سياسي وأمني بنطاق الإخوان
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بدء إجراءات تصنيف فروع من جماعة الإخوان كمنظمات إرهابية أجنبية، في خطوة يعول عليها لتحديد موقف أميركي أقوى من الإسلام السياسي.
يعتبر المراقبون أن هذه الخطوة تحمل رسائل سياسية وأمنية، وتؤشر إلى تشدد أميركي متزايد قد يمتد تأثيره إلى مواقف الحلفاء الإقليميين والدوليين.
وقالت الباحثة جوسلين سيزاري، أستاذة الدين والسياسة في جامعة برمنغهام بالمملكة المتحدة، إن التحرك يمثل تصعيدا في سياسة الولايات المتحدة تجاه الإسلام السياسي، مع تأكيدها أن الجماعة نفسها شبكة معقدة ومتنوعة، وتشتغل كحركة سياسية واجتماعية في عدة دول.
أشارت إلى أن مؤيدي الخطوة يرون أنها تتماشى مع استراتيجية أوسع لمكافحة التطرف وتلبية مخاوف الحلفاء في الشرق الأوسط الذين يرون في الجماعة تهديدا للاستقرار الإقليمي، بينما تعتبر الرسالة النهائية التصنيف ردا سياسيا قويا يعرّف كيف ستواجه الولايات المتحدة الإسلام السياسي في القرن الحادي والعشرين.
توقيت استراتيجي وآثار متوقعة
فكشفت سيزاري أن توقيت التحرك يعكس اعتبارات داخلية وخارجية، فمع تزايد الضغوط لفرض موقف حازم تجاه التطرف ورغبة في تعزيز التحالفات مع شركاء رئيسيين في الشرق الأوسط، يبدو أن الإدارة تسعى لإرسال رسالة أيديولوجية قوية.
كما توجد دوافع انتخابية إذ أن اتخاذ موقف صارم تجاه الحركات الإسلامية يتماشى مع قواعد بعض الناخبين ويُكمل سردية الحرب على الإرهاب التي اعتمدها ترامب في حملاته السابقة.
ذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تُثار فيها الفكرة، فقد أُشير إلى الخطوة لأول مرة خلال رئاسة ترامب الأولى في 2019، لكنها لم تنفذ بسبب معارضة قانونية ودبلوماسية داخل أجهزة الحكومة، وبالتالي فالمقترح ليس جديدا لكن الجهد المتجدد يلمح إلى تحول أعمق في تصوير الإسلام السياسي كتهديد للأمن القومي.
آثار التصنيف وآليات التنفيذ
وأوضح أن التصنيف المحتمل قد يشجع دولا حليفة على تعزيز تصنيفاتها لجماعة الإخوان، إذ سبق لدول مثل مصر والسعودية والإمارات أن صنّفت الجماعة منظمة إرهابية، وربما ترحب بموافقة واشنطن على موقفها.
وترجّح الدول الغربية ألا تتبنى النهج نفسه بشكل كامل، بل ستوازن بين المخاوف الأمنية والمعايير القانونية والحريات المدنية.
وقّع ترامب أمراً تنفيذياً يوجّه وزيري الخارجية ماركو روبيو والخزانة سكوت بيسنت بإعداد تقرير حول فروع الإخوان في لبنان ومصر والأردن، على أن يتخذ الوزيران الإجراءات اللازمة خلال 45 يوماً من تقديم التقرير إذا تقرر المضي في التصنيف كمنظمات إرهابية أجنبية وإرهابيين عالميين مصنفين بشكل خاص.
واتهمت الإدارة فروع الإخوان في لبنان ومصر والأردن بدعم أو تشجيع الهجمات ضد إسرائيل وشركاء الولايات المتحدة، أو بتقديم دعم مادي لحماس، وهو ما يعزز أسباب القرار وإمكانات اتخاذ إجراءات عقابية كجمْد الأصول أو حظر الدخول.
تبقى جماعة الإخوان كظاهرة سياسية واجتماعية متعددة الفروع في دول عدة، مع وجود فروع اتُهمت بالتحريض أو دعم العنف بينما تستمر الحركة في أطر مختلفة وتواجه تبايناً داخلياً في مواقفها بين الدول التي تضم فروعاً مؤثرة وأخرى أقل نفوذاً.







