رئيس التحرير: سراب حسان غانم
مدير التحرير: رماح اسماعيل

الفوج 46.. نقطة مفصلية في معركة ردع العدوان نحو حلب وبوابة تحرير سوريا

شارك

انطلق الهجوم المفاجئ من غرب حلب ليكشف عقدة جغرافية تربط إدلب بحلب وتقطع طرق الإمداد الحيوية للنظام.

شهد اليوم الأول تحرير 15 بلدة من بينها عنجارة وأورم الكبرى، وفتحت السيطرة على الفوج 46 باب التقدم نحو مدينة حلب.

كان الفوج 46 أبرز العقبات الدفاعية في اليوم الأول، بامتداده الذي يقترب من 10 كيلومترات مربعة وارتفاعه نحو 388 متراً وتوزيع أسلحة متوسطة وثقيلة وقاذفات صواريخ ومضادات للدروع، الأمر الذي استلزم وضع خطة لاستغلال الثغرات وفتح خطوط الدفاع.

نقاط قوة وضربة قاصمة

دخلت إدارة العمليات المعركة وهي تحمل نقاط قوة فريدة، مثل الروح المعنوية العالية والإيمان بالقضية، إضافة إلى هدف سام هو تحرير سوريا من فساد عصابات الأسد والميليشيات المساندة، كما جلبت 62 ميليشيا إيرانية ودعم جوي روسي.

ومقابل ذلك، كان مقاتلو النظام يفتقرون للحافز ويدفعون عادة للنهب والسرقة، بينما اعتمد النظام على الميليشيات الإيرانية والغطاء الجوي الروسي.

شكلت السيطرة على الفوج 46 ضربة قاصمة للنظام لأنها تعدّ بوابة حلب وعقدة المواصلات إلى إدلب ومعبر باب الهوى، وسقوطها حرَم النظام من قوة نارية كبيرة وفتح الطريق أمام التقدم نحو خان العسل وعنجارة. كما لعبت خطوة المفاجأة دوراً حاسماً، فـ”من يكسب المفاجأة يكسب نصف المعركة”.

استخدمت فصائل الثورة أسلحة جديدة مثل طائرات الشاهين ونفذت عمليات خلف خطوط العدو ما أربك النظام، ورغم وجود أكثر من 35 ألف جندي في حلب، تمكن نحو ثلاثة آلاف مقاتل من إدارة العمليات من السيطرة على المدينة خلال ثلاثة أيام فقط، إضافة إلى ردع قسد التي كانت تحاول السيطرة على المداخل الشرقية للمدينة.

تكتيك خاطف وكومندوس ليلي

يرى الخبير العسكري العميد الركن مصطفى الفرحات أن اختيار غرب حلب كنقطة انطلاق يعكس قراءة دقيقة لثغرات النظام، فريف حلب الغربي كان نقطة ضعف واضحة وكان النظام يطمئن إلى هجومه اليومي، فكان الهجوم صدمة أربكت قياداته وأحدث انهيارات سريعة في صفوفه.

خلال المعارك السابقة لجأ النظام إلى الهجوم ليلاً مستعيناً بنظم رؤية ليلية، بينما كانت فصائل الثورة تعتمد على أسلحة جديدة وتعيد هيكلة وحداتها لتعمل كمجموعات اقتحام ليلية تشبه الكومندوس، فتم التسلل إلى العمق وتنفيذ هجمات منسقة أربكت النظام وأضعفت سياساته الأرض المحروقة.

أصبحت المعركة ليلاً وجهاً لوجه على مداخل حلب وتحديداً حول الكليات العسكرية وحلب الجديدة، ما أدى إلى تعقيد دفاع النظام وتقويض قدرته الجوية المساندة.

كسر العمود الفقري

سقوط الفوج 46 كان بمثابة كسر للعمود الفقري الدفاعي للنظام، إذ انسحبت وحداته وخلّفت كميات كبيرة من العتاد والأنظمة الدفاعية، وهو ما عزز قوة المهاجمين وسرّع التقدم.

وأكد الفرحات أن نجاح إدارة العمليات لم يكن مجرد ظرف عارض بل نتيجة تطور تكتيكي وتنظيمي، ظهر في العمليات الليلية واستخدام الطائرات المسيرة، لكنه شدد على أن تحقيق مكاسب دائمة يتطلب بنية لوجستية مستدامة وقيادة مركزية فعالة تسعى لبناء جيش بعقيدة دفاعية واضحة.

إعادة الأمل للسوريين

في قراءة سياسية يرى الباحث وائل علوان أن المعركة كانت مفاجأة كبرى أعادت الأمل للسوريين بعد حالة إحباط طويلة، فالشعب كان يعيش على وقع اليأس بينما الثورة تستعد وتختار اللحظة المناسبة، كما كان القرار وطنياً خالصاً لردع العدوان واستعادة الأرض.

يوضح علوان أن النظام البائد كان منهكاً بالفساد والانهيار المعنوي، وأن إيران وحزب الله لم يتمكنا من تقديم دعم فعّال، وأن روسيا كانت منهكة في أوكرانيا وتراجعت رغبته في التدخل الكبير، وهو ما ظهر في موقفها خلال المعركة منذ عام 2020 عندما أدركت موسكو أن النظام لم يعد يحقق مصالحها بشكل مستدام.

أما الدول الداعمة للمعارضة فكانت حذرة من ردات الفعل الروسية والإيرانية والقصف المحتمل، ومع ذلك كان هناك قرار بأن تتحرر حلب لتكون بداية تحرير سوريا، في حين تفاجأ حلفاء النظام بنطاق المخطط الثوري وجرأة الثوار في الوصول إلى المدينة كاملة.

ويؤكّد علوان أن الثوار درسوا اللحظة جيداً وانطلقوا بشكل مدروس جغرافياً وتوقيتاً، فتوصلت الفتوحات إلى تقدّم مستمر على مدى الأيام الثلاثة الأولى، كما أسهمت المعركة في إعادة مفهوم التحرير والوعي السياسي للسوريين وإعادة الأمل إلى المجتمع.

تحرير حلب منطلق لتحرير سوريا

يرى علوان أن الدول الحليفة للمعارضة خافت من رد الفعل الروسي والإيراني لكنها خاضت المخاطرة وقررت أن تبدأ معركة حاسمة تؤدي إلى تحرير حلب كخطوة بداية لتحرير سوريا كاملة.

في المقابل، كان حلفاء النظام من إيران وروسيا في حالة دهشة من استعداد الثوار ومدى جدّيتهم في استهداف حلب كاملة، وهو موقف يعكس تغيرات في المعادلة إزاء دور النظام في المنطقة.

ويؤكد علوان أن المعركة أعادت الوعي والأمل للسوريين وخلقت عزماً أقوى لإعادة البناء والتحرر، وأن الفتوحات السريعة في الأيام الثلاثة الأولى كانت بمثابة رسالة شعبية بأن التغيير ممكن وأن الحرية باتت أقرب من أي وقت مضى.

مقالات ذات صلة