رئيس التحرير: سراب حسان غانم
مدير التحرير: رماح اسماعيل

عاجل | المأزق الأميركي في دمشق.. هل هو مسار سياسي أم تسلط إسرائيلي؟

شارك

يواجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب اختباراً صعباً في الشرق الأوسط، يتمثل في التوازن بين دعم سوريا الجديدة بقيادة أحمد الشرع والحفاظ على العلاقة الاستراتيجية مع إسرائيل.

يرى البيت الأبيض في الشرع بديلاً مقبولاً دولياً عن نظام الأسد، قادر على ضبط الداخل السوري ووقف تمدد النفوذ الروسي والإيراني، بينما تواصل إسرائيل غاراتها التي تهدد أي مسار سياسي محتمل وتفرض معادلة حاكمة على الميدان.

خطوة نحو سوريا جديدة

وصف سمير التقي اللقاء بأنه لحظة رمزية تعكس مساراً سياسياً واضحاً: استقبال رسمي حافل وتبادل نظرات إيجابية وتعبير عن تقارب علني. كما يرى أن الإدارة الأميركية تقدم الشرع كبديل مقبول دولياً قادر على ضبط الداخل ومنع تمدد النفوذ الروسي والإيراني، وأن ترامب يعتبر ما تحقق إنجازاً مهماً لسوريا الجديدة خلال فترة وجيزة.

مع هذا التطور، يبقى السؤال الأساسي: كيف يمكن لواشنطن أن تحقق توازناً حقيقياً بين دعم مسار سياسي في سوريا والحفاظ على تحالفها مع إسرائيل، التي تواصل الاستثمار في الهيمنة العسكرية على الأرض؟

مشروع الهيمنة مستمر

يشير التقي إلى أن إسرائيل، بقيادة نتنياهو، تعمل وفق معادلة محددة: أي وجود لنوايا عدائية ضد تل أبيب داخل سوريا يمنحها الحق في تنفيذ الغارات. وتعتبر هذه المعادلة عنصراً رئيسياً في السياسات الإسرائيلية، وتتعلق بالقدرة على السيطرة على الأرض السورية وممارسة الضغط على دمشق من خلال المطالب السيادية التي تشمل منطقة عازلة حول دمشق، وحظر تطوير الأسلحة، والتحكم في الأمن الداخلي. ويضيف التقي أن إسرائيل تتصرف كما لو أن أي اتفاق أمني مع سوريا سيكون أداة مؤقتة، بينما تواصل الغارات لتحقيق أهداف السيطرة على الأرض.

واشنطن محشورة بين الدولة العميقة وضغوط إسرائيل، فترامب يواجه توازناً صعباً بين الإشارات الإيجابية تجاه الشرع ووجود كتلة في البيت الأبيض تراهن على إبقاء إسرائيل في موقع الهيمنة الإقليمية، ما يجعل أي اتفاق محتمل مع سوريا محدود الفاعلية، إذ ستحتفظ إسرائيل بحق الضرب متى شاءت.

الخطر السوري الداخلي.. القوة الوطنية كضمان

يشدد التقي على أن الحل الوطني لسوريا يكمن في قوتها الداخلية، فكلما كانت الدولة السورية أكثر قدرة على ضبط الداخل، كانت أكثر قدرة على مواجهة إسرائيل على الأرض. كما أن التحديات لا تقتصر على الضربات العسكرية بل تشمل استغلال الانقسامات الداخلية من قبل القوى الإقليمية والدولية، كما في لبنان حيث يُستغل الوضع في طرابلس والجنوب لتعزيز النفوذ الإسرائيلي. وتصف استمرار الغارات بأنها عربدة كاملة تهدف إلى زعزعة الاستقرار، وتعيد إنتاج القدرة القتالية لدى بعض الميليشيات.

اتفاقيات أمنية بلا ضمانات

يؤكد التقي أن أي اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل لن يعني سلاماً حقيقياً؛ فتل أبيب ستواصل الضرب عند الحاجة ولن تتوقف عن اتباع استراتيجيتها العسكرية، مما يعكس المأزق الأميركي في سوريا: الرغبة في دعم مسار سياسي وعدم القدرة على تقييد إسرائيل. ما يجري يشبه لعبة الجزر والضرب: تقديم حوافز التفاوض مع سوريا وعصا الاستهداف العسكري لضمان استمرار الهيمنة الإسرائيلية، وهو ما يجعل ترامب في موقع محدود الخيارات.

السيناريو الإقليمي.. تركيا والدول الأخرى

يشير التقي إلى أن الهيمنة الإسرائيلية في سوريا قد تثير نقاط احتكاك مع تركيا ودول إقليمية أخرى، لكنها في الوقت الراهن تسير وفق المسار الذي يضمن استمرار السيطرة الإسرائيلية. وتؤكد المصادر أن «الدولة العميقة» الأميركية تدرك خطورة الوضع وتجنب مواجهة مباشرة، مما يضع سوريا بين الهيمنة الإقليمية وضغوط القوة الوطنية الداخلية.

التحدي السوري المستمر

في ضوء التحليل، يبدو أن المسار السياسي الجديد في سوريا بقيادة الشرع يواجه قيوداً شديدة. فواشنطن تسعى لدعم هذا المسار لكنها محشورة بين الضغوط الإسرائيلية ومحددات الدولة العميقة، ما يجعل أي اتفاق محتمل محدود الفاعلية. إسرائيل تستمر في فرض نفوذها العسكري على الأرض، ما يجعل مستقبل سوريا مرتبطاً بشكل أساسي بالقوة الداخلية للدولة وقدرتها على حماية سيادتها، بعيداً عن الوعود الأميركية العابرة أو الاتفاقيات غير المضمونة، مع استمرار التدخلات الإقليمية واستغلال الانقسامات الداخلية.

مقالات ذات صلة