رئيس التحرير: سراب حسان غانم
مدير التحرير: رماح اسماعيل

سقبا تستعيد هويتها عبر إحياء صناعة الموبيليا بعد سنوات من فقدانها

شارك

سقبا تستعيد هويتها.. إحياء صناعة الموبيليا بعد سنوات من فقدانها

عاد صوت الآلات ليملأ أجواء سقبا في ريف دمشق، المدينة المعروفة بصناعة الموبيليا قبل أن تغلق ورشاتها جراء التضييق الذي مارسه النظام السابق على القطاع الإنتاجي والصناعي. اليوم تعود المدينة لإحياء هذه الحرفة وتعيد الحركة إلى سوق الموبيليا.

حرفيو صناعة الموبيليا في سقبا كانوا مقصداً للراغبين بشراء الأثاث المنزلي والمكتبي، ورغم السنوات الأخيرة فقدت المدينة رونقها مع هجرة أبنائها العاملين في هذه الصناعة، لكنها بدأت اليوم بإعادة إحياء الموبيليا بين أحيائها.

ليس مجرد حرفة، بل علاقة يومية مع مادة حية كما يصف القاسم المزعل، حيث قال: “التعامل مع لوح الخشب ليس مجرد حرفة بل علاقة يومية مع مادة حية”، موضحاً أن قطاع النجارة في سقبا بات يشهد تحسناً واضحاً في الإنتاج مع توفر المواد الأولية من خشب وإكسسوارات لزوم الصناعة، ومنها خشب السنديان والسويدي والشوح والجوز، وذلك بعد أن كانت الورش تعاني من نقص المواد.

انعكس توفر المواد الأولية في الأسعار فباتت أكثر استقراراً، وهذا ما شجّع عدداً من الورش على استئناف عملها وعودة حركة سوق الموبيليا.

تشير المعطيات إلى وجود طلب متزايد من خارج البلاد على منتجات الورش في ريف دمشق، خصوصاً من العراق والأردن والكويت، حيث يقصدون المدينة لشراء قطع الأثاث الخشبي بكميات كبيرة، ما أعاد الأمل لأصحاب المحلات وفتح آفاقاً اقتصادية جديدة.

هجرة الحرفيين وتبدل الوضع

الحرفي عصام الرواس، الذي أمضى عقوداً طويلة في المهنة، يروى أن زمن المدينة كان يعبق برائحة الخشب، لكن منذ بداية الثورة خُسر الحرفيون بسبب التضييق وسرقة الآلات والمحلات، ما أدى إلى هجرة كثيرين. الورش التي بقيت خلال السنوات الأخيرة عانت من شح الخشب والأدوات الأساسية، فاضطر العاملون لاستخدام معدات قديمة تستهلك جهداً وتؤثر في جودة الإنتاج.

بعد التحرير وتفتح البلد على الخارج وتسهيل حركة المواد والاستيراد، تغير الوضع جذرياً فصارت الآلة الحديثة والمواد الأولية متوفرة بنسبة 100%، ما أعاد الثقة للحرفيين وشجعهم على استئناف نشاطهم. كما أن الرسوم الجمركية وأتاوات النقل التي كانت تثقل تكلفة الإنتاج وتكاليف المستهلكين باتت ميسّرة إلى حد كبير، مما سهّل الاستيراد وتوفير احتياجات السوق.

أحمد عناية، صاحب ورشة تنجيد موبيليّا في المدينة، يشرح أن العملية تبدأ باستلام القطعة الخشبية بسماكة 4 سم، ثم تُضاف طبقات الإسفنج وفق التصميم، حيث تستخدم في الظهر إسفنج سمكه نحو 7 سم من نوع سوبر أول إكسترا، ويُعتمد النوع نفسه في الجوانب لضمان المتانة. وتُنفَّذ الطراحة بسماكة تقارب 14 سم، وتُحشى بطبقتين من الدّكرون مع بيت داخلي وقماش خارجي من النخب الأول. الإسفنج الأكثر استخداماً في المنطقة هو إسفنج سوبر أول إكسترا، مع وجود أنواع أخرى حسب طبيعة العمل، بينما يفضّل معظم الصناع الاعتماد على الأقمشة الأجنبية عالية الجودة.

وائل وردة، صاحب صالة عرض مفروشات في سقبا، يؤكد أن التعاون مع الورش المحلية أصبح اليوم أكثر تنظيماً وسلاسة، وأن المواد الأولية متوفرة والتقنيات الحديثة تساعد في تصنيع منتجات بجودة عالية تلبي أذواق الجميع من التصاميم الكلاسيكية إلى العصرية.

نشأة موبيليا سقبا وتوسعها

تعود صناعة الموبيليا في سقبا إلى أوائل السبعينيات من القرن العشرين، حين بدأ السكان تعلم النجارة ونقلت المهنة من حي القيمرية بدمشق. وازدهرت الصناعة في المدينة لتصبح الحرفة الأساسية فيها، وتوسع المعارض فصار سقبا مركزاً معروفاً لتصنيع وعرض المفروشات على مستوى سوريا، وتوسعت معارضها بشكل كبير في التسعينيات حتى أصبحت تضم أكبر تجمع لصالونات الموبيليا في العالم.

مقالات ذات صلة