يبرز الفيلم مشهد السبورة البيضاء في مكتب وزير الخارجية أسعد الشيباني حيث دار حوار مع السيد الرئيس أحمد الشرع، ورسم ملامح المعركة آنذاك والمرحلة الدقيقة في تاريخ سوريا الحديث وشكل العلاقة مع مختلف الأطراف وإدارة تلك المرحلة.
وضع بخط يده عناوين دقيقة لمرحلة التحرير، أرست مستقبل البلاد بضوابط تحفظ السلم الأهلي وتسرع الوصول إلى الاستقرار.
وحملت كتاباته رسائل داخلية موجهة إلى عموم الشعب السوري، وأخرى لدول المنطقة والعالم، وأرست ملامح الخطاب السياسي والعلاقات الخارجية للدولة السورية ما بعد تحريرها من نظام الأسد الهارب.
رسائل داخلية
أسست رسائل الرئيس الشرع خلال قيادته لمعركة ردع العدوان لمقاربة وطنية جامعة لمسألة التنوع الاجتماعي والديني في سوريا، مع التركيز على أولوية الاستقرار الأهلي بعد سنوات الحرب.
وخاطبت مختلف مكونات المجتمع السوري لتأكيد أن المرحلة المقبلة تتطلب حلولاً جامعة ومستديمة، وأن لا أحد يستطيع إلغاء الطوائف أو القضاء عليها.
وأظهرت الرسائل أن الثورة بعد أربعة عشر عاماً وصلت إلى مرحلة نضج سياسي ووطني، خصوصاً أن جزءاً منها حدد شيوخ الدين والطوائف والعشائر، والملف الكردي كان حاضراً في توجه الرئيس الشرع وجزء من مشروع وطني يرمي إلى بناء سوريا لجميع أبناءها بأطيافهم المختلفة.
وتقول الرسالة الموجهة للأكراد التي ظهرت في إحدى الصور: “هذه فرصة تعالوا لنبني البلد بعيداً عن الأجندات الخارجية، ونجلس كسوريين لنؤسس وطناً موحداً يضمن العيش الآمن للجميع”.
دعوة لأبناء الثورة
تعلمت الثورة السورية خلال أربعة عشر عاماً الماضية من الأخطاء والعثرات والإنجازات، ما يستدعي أن تتوحد صفوف أبنائها.
وقد وجه السيد الرئيس دعوة لأبناء الثورة السورية للحاق بركب التحرير واستثمار اللحظة المصيرية في تاريخ الثورة والمنطقة، ونسف الخلافات الجانبية في سبيل التركيز على الأهداف النبيلة.
وأكد أن تاريخاً جديداً فتحت أولى صفحاته مع تحرير سوريا، عنوانه: “الوحدة والرحمة والبناء والعدل والكرامة والانضباط”.
رسائل خارجية
شُددت الخطوط العريضة التي خطها السيد الرئيس على أن سوريا المستقبل ستحافظ على علاقات متوازنة مع الجميع، ولن تكون طرفاً في زعزعة الاستقرار في المنطقة.
أكدت أن الثورة لا تهدف إلى أي انتقام، وإنما للنهوض والبناء وإعادة إعمار سوريا موحدة، وأنه في اليوم الذي يسقط فيه النظام ستكون الثورة أمام مسؤولية فتح صفحة جديدة لتضميد الجراح التي خلفها النظام البائد.
وحدد السيد الرئيس مسألة المصلحة العامة للبلاد كأولوية بالغة الأهمية في مرحلة البناء، مشدداً على ضرورة تغليب مصلحة البلد على المصالح والمشاريع الضيقة.
العلاقة مع روسيا ودول المنطقة
شرح الرئيس الشرع طبيعة الموقف السوري من العلاقة مع موسكو، وفصل فيها بين المصالح الاستراتيجية والتحالفات السياسية الظرفية، لتقليل حدة المخاوف الروسية من تغيير الحكم في سوريا، والتأكيد على أن خيارات الشعوب لا تتعارض مع مصالح الدول.
وأظهر الفيلم أن التعاطي مع الملف الروسي يقوم على عدة أسس، أهمها العلاقة التاريخية السورية – الروسية غير المرتبطة بشخص الهارب.
وتوصل الجانب الروسي إلى قناعة تامة بأن نظام الأسد البائد هو مصدر فوضى في المنطقة، وقد حددت الرسائل الخاصة بروسيا في ذلك الوقت عدة نقاط تدفع لتحييدها عن الميدان العسكري، بتذكيرها بأن حليفها الهارب أصبح مصدر قلق لكافة دول الجوار، وقد غش الدول المتحالفة معه في الكثير من المواقف.
وبمتابعة سير معركة ردع العدوان، يتضح أن روسيا اقتنعت بفكرة عدم مساندة النظام البائد، وهو ما أكدته تصريحات سابقة لوزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني.
رسائل ما بعد التحرير
تختتم هذه الرسائل التقرير برسم صورة لسوريا المستقبل، وتحديد القيم التي ستبنى عليها سياسة الدولة الداخلية والخارجية.
ولعل النقطة الأبرز التي أكد عليها السيد الرئيس بالقول: “سنعمل على بناء سوريا المستقبل علمياً وحضارياً بما يتناسب مع تراثها وحضارتها وأخلاقها ودينها”.
وختم بالخط العريض: “انتصار الثورة يعتبر انتصاراً لكل مواطن سوري، بغض النظر عن موقفه من الثورة السورية، وأياً كان انتماؤه العرقي أو الديني، لأن النظام البائد ظلم الشعب السوري من عارضه ومن أيده على حد سواء.”







