المشهد الإنساني والسياسي في غزة
شهدت غزة واحداً من أقسى الأعوام في تاريخها المعاصر، حيث وصفت الأمم المتحدة الأزمة بأنها الأشد قسوة مع شهور من النزوح والحياة اليومية الصعبة نتيجة الغارات والاجتياحات العسكرية.
برزت بارقة أمل في الخامس عشر من يناير حين توصل الوسطاء إلى هدنة من ثلاث مراحل تشمل تبادل الأسرى، وانسحاباً إسرائيلياً تدريجياً، وإدخال مساعدات إنسانية عاجلة.
انتهت الهدنة في الثامن عشر من مارس بسبب خلافات حول تنفيذ المرحلة الثانية، فتعزز التصعيد العسكري مجدداً وتوقف المسار السياسي.
تغيّرت أساليب المعركة مع عودة التصعيد، وانتشرت الضربات لتشمل مناطق جنوب القطاع ووسطه، وتحولت المطاردة إلى تقصٍ لشبكات الأنفاق في وقت تزايدت فيه المعاناة الإنسانية.
خيم شبح المجاعة على السكان وتعطلت الخدمات الصحية بشكل شبه كامل، فصارت توصيفات الأمم المتحدة غير عادية وتفاقمت معاناة المدنيين.
خطة ترامب للسلام وتأثيرها على غزة
دفعت غياب الحسم العسكري سياسياً إلى نشاط دولي مكثف، فأدركت واشنطن أن استمرار الحرب يفتح فوضى إقليمية ولا يفضي إلى نصراً حاسماً، فوجهت ضغوطاً وفتحت قنوات حوار إقليمية وصولاً إلى طرح ما سمي “الفرصة الأخيرة” عبر خطة ترامب للسلام.
اشتملت الخطة من ثلاث مراحل و20 بنداً على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى ونشر قوة دولية متعددة الجنسيات داخل غزة، إضافة إلى إدارة انتقالية تحت إشراف دولي مع إبعاد حماس عن الإدارة المباشرة للقطاع ونزع سلاحها.
لعبت عواصم عربية دوراً محورياً في بلورة المقترحات وتقريب وجهات النظر في مشهد وصف بالتعاون العربي الأميركي غير المسبوق.
ومع وصول الخطة إلى مجلس الأمن، نشب نزاع سياسي واسع؛ حيث دفعت الولايات المتحدة لإقرارها فيما أبدت دول أخرى تحفظات، في حين عملت عواصم عربية بهدوء بين الخطوط.
وفي النهاية أقرت الخطة مانحة شرعية دولية للحكم الانتقالي في غزة ومطمئنة الدول التي تفكر بإرسال قوات ضمن القوة الدولية.
وجدت حركة حماس نفسها أمام واقع جديد؛ خسائر في القيادات والبنية العسكرية واستنزاف في القدرات، مع استمرار رهاناتها على ما تبقى من أوراق قوة.
تقف غزة بنهاية عام 2025 عند مفترق بالغ الحساسية؛ حرب أعادت رسم الجغرافيا وغيرت موازين القوة، وخطة سياسية نالت شرعية دولية لكنها تصطدم بعقبات ميدانية وإنسانية.
يبقى مستقبل القطاع رهناً بقدرة الأطراف الدولية والإقليمية على ترجمة التعهدات إلى أفعال، ووضع حد لمعاناة شعب أنهكه عام من الحرب، بانتظار استقرار طال أمده.







