تصعيد أمني في الساحل السوري
تشهد الساحل السوري تعزيز انتشار الأمن وقواته العسكرية في اللاذقية وطرطوس عقب تظاهرات شهدتها المدينتان وأدت إلى اشتباكات أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى. أعلنت وزارة الداخلية أن الاشتباكات أسفرت عن مقتل 3 أشخاص وإصابة نحو 60 آخرين جراء اعتداءات طالت مدنيين وعناصر من قوات الأمن العام.
اتهمت الوزارة “أنصار النظام السابق” باستغلال الاحتجاجات السلمية لتنفيذ هجمات مسلحة، مؤكدة أنها لن تسمح بجر المشهد نحو الفوضى أو العنف المسلح.
شهدت التظاهرات التي خرجت بدعوات سلمية رفعاً لشعارات تدعو إلى نظام فيدرالي أو حكم لامركزي، استجابة لنداءات أطلقها رجل دين علوي، لكن الرواية الرسمية تفيد بأن التحركات تعرضت للاختراق مع تسلل مسلحين ملثمين أطلقوا النار على المتظاهرين وقوات الأمن، ما أدى إلى تصعيد خطير في المشهد.
السياق والإشارات الدولية
تأتي التطورات في سياق حساس بعد تفجير إرهابي استهدف مسجدًا في حمص، وفي ظل تقارير غربية أشارت إلى خطط لجنرالات ومسؤولين سابقين في نظام بشار الأسد لزعزعة استقرار الحكومة الجديدة عبر ضخ الأموال والسلاح ومحاولة السيطرة على الساحل.
آراء المحللين
أوضح أستاذ العلاقات الدولية ياسر النجار من دمشق أن ما جرى في الساحل بدأ كتظاهرات مدنية ذات مطالب محقة، لكنه حذر من استغلالها لصالح جهات لا تؤمن بفكرة الدولة السورية، وأكد أن غياب القيادة والتنظيم سمح باختراق التظاهرات من قبل مسلحين يسعون للفوضى. ودعا إلى تنظيم المطالب ضمن أطر واضحة وتفعيل دور المجتمع المدني والنخب والمثقفين الذين يظلون صوتهم غائباً أمام صوت المشيخات الدينية.
وأشار الكاتب والباحث السياسي طارق عجيب من باريس إلى أن التركيز على المخاطر وحده لا يكفي، وتساءل عما فعلته الحكومة خلال العام الماضي لسحب الذرائع من من يستهدفها. وأوضح أن ما يريده أهل الساحل، وبالأخص العلويون، هو الأمن قبل أي مطلب سياسي، وأن رفع شعار الفيدرالية ليس بالضرورة دعوةً للتقسيم بل وسيلة دفاعية تعكس شعوراً بالخوف وانعدام الأمان. كما أكد أن العلويين يريدون العيش كمواطنين كاملين في دولتهم وبأنهم لا يطالبون بحماية خارجية ولا بانفصال، مع انتقاد لهيمنة الخطاب الديني على مفاصل الدولة ودعوة أن يظل رجال الدين في دورهم الديني فقط، وليس في الوزارات والمؤسسات الرسمية.
يطرح مشهد الساحل السوري أسئلة عميقة حول قدرة السلطات على تحقيق توازن بين فرض الأمن ومنع الانزلاق إلى الفوضى، وبين الاستجابة للمطالب المدنية المشروعة دون السماح باستغلالها من قبل قوى تسعى لزعزعة الاستقرار، وفي ظل تداخل الملفات مع مناطق أخرى تبقى مهمة الحفاظ على السلم الأهلي أحد أكبر التحديات أمام دمشق في المرحلة المقبلة.







