“كنت أعرف أنني سأنجح في بلوغ الهدف، ليس تنبؤاً بالغيب بل لأن الله منحني إرادة قوية، والخطوة الأولى للنجاح تتطلب الإرادة “بهذه الكلمات فسر الشاب عبد الله اللايح كيف تجاوز إعاقته الذهنية وحصل هذا العام على شهادة الثانوية العامة الفرع الأدبي.
لم يكن طريق الدراسة سهلاً أمام الشاب عبد الله المقيم في دمشق بعد أن أجبرته ظروف الحرب على ترك مدينته دير الزور منذ عدة سنوات… يقول عبد الله: “أقسى شعور مر بي عندما رفض أحد المدرسين متابعة تدريسي في المنزل لأنني معاق ذهنياً، ومن الصعب أن أفهم المعلومات”، “هذه الكلمات كانت حافزي للنجاح وكنت أردد بداخلي دائماً أنا كباقي رفاقي وأتميز عنهم بقدرات خاصة وسوف أنجح”.
وبعد جهد كبير ومتابعة من قبل مدرسته نجح عبد الله بالحصول على شهادة التعليم الأساسي منذ عامين بمجموع 2535 درجة وأمس حصل على شهادة الثانوية العامة، ويسعى لتحقيق حلمه في دراسة الحقوق بجامعة دمشق، معتبراً أنه بذلك لم يعد لديه إعاقة ذهنية كما هو مكتوب على بطاقة الإعاقة، والابتسامة تعلو وجهه فرحاً بما أنجز.
يستذكر عبد الله قاعة الامتحان الخاصة لذوي الإعاقة والمرافق المكلف بمساعدته في القراءة والكتابة، مؤكداً أنه كلما كان يقدم مادة بشكل جيد يشعر باقتراب تحقيق حلمه بدخول الجامعة ويزداد حماساً للدراسة بجد أكثر، ومعتبراً أن ثقة والده به والتشجيع الدائم له حافز إضافي وأنه إلى جانب حلمه بالدراسة في الجامعة الذي أصبح قريباً سيبدأ بكتابة سيرته الذاتية وكيف تخطى الصعاب، وواجه تنمر البعض بكثير من التسامح والوعي والإيجابية، وكان سلاحه الأمضى في الرد عليهم بأن يحقق النجاح باستمرار.
ويختتم عبد الله حديثه لـ سانا والفرحة تسبق كلماته: “وفيت بوعدي كما نشرت على صفحتي على الفيسبوك بداية العام الدراسي، حيث كتبت “هذا هو العام الذي سأكون فيه أقوى وأجعله عاماً مليئاً بالإنجازات والسعادة إن شاء الله.. سأستمتع بكل لحظة وأقدر كل تجربة، لأنها تجعلني أنمو وأتطور ببساطة، هذا هو العام الذي سأجعله مميزاً بطريقتي الخاصة”.
والدة عبد الله لم تكن تتوقع أن يتخطى ابنها امتحان الشهادة الثانوية العامة بنجاح من الدورة الأولى كونه من الأشخاص ذوي الإعاقة، موضحة أن مرض ابنها بدأ عندما كان في الثانية من عمره حيث تعرض لسقوط تسبب بنقص بالأكسجة لديه نتج عنه إعاقة ذهنية أدت لصعوبة في النطق وعدم القدرة على المشي وبعد متابعة العلاج لعدة أعوام تمكن عبد الله من المشي وتحسن نطقه بعض الشيء فكانت فرحة لا توصف، منوهة بأن ما حققه عبد الله مصدر فخر لأسرته.
المدرسة فدوى مصطفى التي قامت بمتابعة دراسته لفتت إلى الصعوبات التي واجهتها خلال تدريس عبد الله لكون الأشخاص ذوي الإعاقة يحتاجون إلى جهود مضاعفة، لكن شغفه الكبير للتعلم سهل عملية إيصال المعلومة إليه وكان له الأثر الكبير لمساعدتها في تعليمه، مشيرةً إلى أن عبد الله كان حريصاً جداً على دقة المواعيد، وإلى أهمية الوقت بالنسبة له، وضرورة استثماره بالدراسة والأشياء المفيدة.