يكثف المغرب جهوده الطموحة لمضاعفة استثمارات الطاقة المتجددة أربعة أضعاف، وصولاً إلى 1.5 مليار دولار سنوياً بين عامي 2024 و2027، وهدفه تسريع وتيرة خططه الرامية لتأمين احتياجاته من الطاقة، في ضوء اعتماده حالياً على استيراد نحو 90 في المئة منها.
وتنتهج المملكة المغربية استراتيجية هدفها الأول التوسع في عقد المزيد من الشراكات المتصلة باستخدام الهيدروجين الأخضر، وزيادة الاستثمارات في فئات الطاقة المتجددة، لتقليل اعتماداتها الخارجية، تزامناً مع ارتفاع أسعار الطاقة التقليدية منذ اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية في شباط (فبراير) 2022.
في هذا السياق، تؤكد ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي المغربية، زيادة وتيرة الاستثمار السنوي للانتقال من 4 مليارات درهم (400 مليون دولار) سنوياً إلى 15 مليار درهم (1.5 مليار دولار) بين 2024 وحتى 2027، إضافة إلى إنجاز مشاريع لإنتاج 4600 ميغاواط من مصادر الطاقة المستدامة.
وتضيف أن الوزارة منحت الترخيص لتوليد 200 ميغاواط من مصادر الطاقة النظيفة بين عام 2021 ومنتصف عام 2024، “وهي أكبر قدرة منحت الوزارة ترخيصاً بشأنها في السنوات الماضية”.
تعليقاً على هذه التوجهات، يؤكد عامر الشوبكي، الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون النفط والطاقة، لـ”النهار العربي” أن المغرب نموذج يُحتذى في مجال الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، “وهذا ما تعكسه مؤشرات المرحلة الحالية بشأن تغطية هذه المصادر قرابة 37 في المئة من احتياجاته من الطاقة، من الرياح والشمس والمصادر الكهرومائية”.
يضيف الشوبكي أن مضاعفة الإنتاج من مصادر الطاقة المتجددة تحتاج إلى استثمارات ضخمة، بما يدعم الخطط الرامية لتلبية نصف احتياجات المغرب من الطاقة المستدامة بحلول عام 2030، مشيراً إلى أهمية عقد شراكات التعاون والدعم الأوروبي في صورة مساعدات ومنح، لدعم هذه الخطة والاستفادة من مواردها في توليد الطاقة من مصادر متجددة، “وبما يساهم مستقبلاً في تصدير المغرب ما يفيض عن شبكته من الطاقة إلى أوروبا”.
واتساقاً مع هذا التوجه، وقع المغرب عدداً من الاتفاقيات لدعم التعاون في مجالات الطاقة المتجددة، كان آخرها اتفاقيتي شراكة مع تركيا في مجالات الطاقة والمعادن والجيولوجيا، تعززان التعاون في مجالات الطاقات المتجددة، والهيدروجين الأخضر، وإنتاج الكهرباء وتوزيعها، وتكامل أسواق الطاقة، والتقنيات النظيفة، وإزالة الطبعة الكربونية، واستكشاف الهيدروكربونات.كما ترسم الاتفاقيتان إطاراً للتعاون بين الرباط وأنقرة لتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص في مجالات البحث والتطوير والمساعدة التقنية، وبناء القدرات، وتبادل الخبراء والتقنيات، وتطوير المشاريع المشتركة.
يتوقع الشوبكي نجاح خطط المغرب في المدى البعيد، بالتوازي مع التطور التقني الحالي في تخفيف فاتورته الطاقية، لا سيما تلك التي ينتجها من الوقود الأحفوري.
يضيف: “خفض هذه الفاتورة سيقلل بالتأكيد العجز في موازنة المغرب العامة، ويقلل من إنفاق العملات الصعبة، ويدعم بالتالي المنظومة الاقتصادية بقوة من خلال تشغيل الكفاءات وخفض معدلات البطالة”، مشيراً إلى أن نجاح تلك الخطط يتطلب مواصلة العمل على التحول السريع من الاعتماد على الفحم إلى أنواع الوقود الأخرى من الغاز النظيف، إضافة إلى تعزيز الاستكشافات في المغرب.
وفي السياق ذاته، يؤكد الخبير الاقتصادي المغربي هشام بن فضول أن استراتيجية المغرب في المدى المتوسط تتمثل في زيادة الاستثمارات في ما يتعلق بمصادر الطاقة المتجددة، “وترقب عوائد مشروع أنبوب غاز نيجيريا بهدف تقليص الاستيراد من الطاقات الأحفورية وتحقيق الاكتفاء الذاتي”، مضيفاً: “هناك متطلبات مهمة لدعم أمن المغرب في مجال الطاقة، ومواصلة خطط خفض الفاتورة الاستيرادية، تتمثل في العمل على توفير بدائل ومسارات تمويلية في ضوء كثرة الاستثمارات التي تتطلبها هذه الخطط ومضاعفة الطاقات المتجددة، والاستمرار في التوعية في الحفاظ على البيئة وكسب ثقة المستثمرين الأجانب، وتحديداً المؤسسات الدولية لدعم خطط التنمية المستدامة، ودعم البحث العلمي والعمل على تعويض هذه الطاقات الأحفورية المستوردة بالطاقات المتجددة”.







