شهد صيف الأردن خلال السنوات الأخيرة زيادة في مشاهدات الأفاعي السامة، وخاصة من نوع “أفعى فلسطين” شديدة الخطورة، في ظل ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط الطقس بسبب التغير المناخي.
وفي تقرير للصحفي “ليث الجنيدي” في وكالة الأناضول سلط الضوء على الزيادة التي أثارت مخاوف وقلق مواطنين، أكد مسؤولون وخبراء للوكالة أن هناك “مبالغة” في تقدير حجم المشكلة.
وفي هذا الصدد، قال متحدث وزارة البيئة الأردنية أحمد عبيدات، في تصريحات، إن “موضوع التغير المناخي شائك جدا، وآثاره تشمل أمورا كثيرة”.
ولم يقلل عبيدات من أثر التغير المناخي على انتشار الأفاعي بالمملكة، مؤكدا على أنه “لعب دورا على كافة الصعد، بما يشمل تأثيره على المنظومة البيئة والحيوية”.
ولم يفصل المسؤول الحكومي الأردني في هذه المسألة، لكن مراقبين يوضحون أن التغير المناخي يلعب دورا حاسما في زيادة انتشار الأفاعي؛ فارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط هطول الأمطار يدفع هذه الزواحف إلى البحث عن بيئات أكثر برودة ورطوبة، مما يقربها من المناطق السكنية.
ويضيف هؤلاء أن ارتفاع درجات الحرارة أسهم، كذلك، في تقليل مدة بيات أفعى فلسطين الشتوي، فبدلا من شهرين لـ3 أشهر، أصبح يقتصر بياتها على أسابيع معدودة.
كما أثرت درجات الحرارة المرتفعة على تقليل فترة حضانة البيض؛ حيث تضع 22 بيضة خلال أيام قليلة، بعد أن كانت تحتضنه من 6 إلى 7 أسابيع.
تلك العوامل أدت إلى زيادة نشاط أفعى فلسطين ليلا ونهارا، ومنحتها فرصة للظهور لفترات أطول، وفق هؤلاء المراقبين.
ومع ذلك، اعتبر عبيدات أن هناك “بعض المبالغات” بشأن مستوى انتشار أفعى فلسطين في الأردن، جراء التركيز على الأمر من قبل المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي، ونشر فيديوهات توثق ذلك.
ولفت إلى أن هذا النوع من الأفاعي “هو من ضمن منظومة التنوع الحيوي في الأردن”.
وذكر أنه “لا أحد ينكر خطورة” هذه الأفعى، “لكننا كوزارة لم نلمس على المواطن ذلك القدر من الازعاج” منها على النحو الذي تصوره منصات التواصل الاجتماعي.
وبدلا من هذه المبالغات، دعا عبيدات من وصفهم بـ”خبراء الأفاعي” إلى “توعية المواطنين بها، على اعتبار أنها ليست جميعها سامة بالضرورة”.
وأوضح قائلا: “نحن من دعاة التوزان البيئي، ورسالتنا لكل مواطن أن يتثقف بأنواع الأفاعي؛ إذ أن نسبة السام منها لا تُذكر مقارنة بالمتواجد داخل البيئة الأردنية”.
ووفق إحصاءات غير رسمية، يتواجد في الأردن والمنطقة بشكل عام 37 نوعا من الأفاعي، منها 7 سامة وقاتلة، والبقية غير سامة، وتلعب دورا محافظا على البيئة والإنسان عبر افتراس الأفاعي السامة.
الخبير الأردني في مجال الأفاعي ياسين الصقور، اتفق في حديثه للأناضول، مع عبيدات على “وجود مبالغة في الحديث عن انتشار أفعى فلسطين بالأردن”.
وباعتباره شخص يلجأ له المواطنون لمساعدتهم في التخلص من الأفاعي التي قد تقتحم منازلهم، أشار الصقور إلى أنه يتعامل يوميا مع نحو من 40 إلى 50 أفعى غير سامة، مقابل واحدة سامة فقط”، معتبرا أن ذلك يبين أن نسبة الأفاعي السامة بالمملكة “ضئيلة جدا”.
وقال الصقور إن “أفعى فلسطين نشاطها ليلي”، مرجعا وصولها لعدد من محافظات المملكة في الآونة الأخيرة إلى مجموعة من الأسباب.
ووفق الخبير الأردني، فإن تلك الأسباب عائدة إلى “عدم وجود أفاعي لصدّها (في إشارة إلى الأنواع الأخرى غير السامة التي تحقق التوازن البيئي وتتمكن من مقاومتها)، وحرائق الغابات في الجانب الإسرائيلي، والتي أعطتها فرصة للزحف باتجاه الأراضي الأردنية”.
واعتبر أن “عمليات نقل بيوت الزراعة البلاستيكية من مكان إلى آخر، هو سبب آخر من أسباب انتشار هذه الأفاعي حيث تنتقل معها إلى داخل العديد من محافظات المملكة”.
وتابع: “الأفعى تتأقلم مع أي مناخ، وأفعى فلسطين تنشط بالمناخات المعتدلة”.
وعن أكثر مناطق انتشار أفعى فلسطين بالأردن، أشار الصقور إلى منطقة “الوادي الأخضر” الممتدة ما بين محافظة الرمثا (شمال) ومنطقة البحر الميت (وسط).
وكشف الصقور عن تعامله خلال النصف الأول من عام 2024 مع 77 من أفاعي فلسطين على مستوى المملكة، مبينا بأنه ما زال يحتفظ بعدد منها “لغايات التوعية”.
وبحسب الصقور، فإن “مصل أفعى فلسطين غير متوفر في بلاد الشام، ومن ضمنها الأردن”.
واستطرد: “يوجد أمصال بديلة غير فعالة لأفعى فلسطين، لكنها فعالة للدغات الأفاعي من أنواع الحراشف والصل وفيلد وأم جنيب والقرناء العربية”.
وشدد على أن “أفعى فلسطين والمشرق السورية لا يوجد لها مصل مخصص بالأردن”.
ورغم حديث الصقور بشأن الأمصال، إلا أن وزارة الصحة الأردنية سبق أن أكدت في تصريحات إعلامية متعددة لمسؤوليها على توافرها في مستشفيات المملكة، حيث يتم توزيعها بشكل دوري، بما فيها المصل المضاد لـ”أفعى فلسطين”.