أعرب المجلس الأعلى للدولة، الأحد، عن رفضه إعلان رئيس مجلس النواب عقيلة صالح فتح باب الترشح لرئاسة حكومة موحدة للبلد الغني بالنفط فيما يشير هذا الموقف لخلافات جديدة يمكن أن تؤثر سلبا على التقدم الذي سجل مؤخرا بشأن المفاوضات السياسية لاخراج البلاد من أزمتها وتوحيد مؤسساتها.
وفي وقت سابق الاحد، أعلن صالح فتح باب الترشح لشغل منصب رئيس حكومة موحدة، اعتبارا من اليوم وحتى 11 أغسطس/آب المقبل داعيا “رئاسة وأعضاء المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) إلى تزكية مَن يرون فيه الكفاءة لشغل منصب رئيس الحكومة”.
وردا على هذه الخطوة، قال المجلس الأعلى للدولة، عبر بيان، إن “التوافق وعدم الانفراد بالقرار هو ما سعينا لتحقيقه ووضعنا نقاطه الأساسية في اللقاء الثلاثي برعاية جامعة الدول العربية في إطاره العام”.
وفي 10 مارس/ آذار الماضي، اجتمع في القاهرة صالح ورئيسا المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي والمجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، برعاية جامعة الدول العربية، لحل خلافات تحول دون إجراء انتخابات عامة طال انتظارها.
واتفق رؤساء المجالس الثلاثة على مسار يتضمن “تشكيل حكومة موحدة مهمتها الإشراف على العملية الانتخابية وتقديم الخدمات الضرورية للمواطن وتوحيد المناصب السيادية”، حسب بيان للجامعة العربية آنذاك.
ووفق المجلس الأعلى للدولة الأحد، فإن ذلك المسار “كان من المقرر استكماله بوضع الآليات المتعلقة بكل النقاط المضمنة في البيان”.
واستدرك “إلا أن الخطوة المنفردة، التي قام بها مجلس النواب (مقره في الشرق)، باعتماد ميزانية ضخمة بالمخالفة للاتفاق السياسي والتي تكرس الانقسام، حالت دون حدوث اللقاء (لوضع آليات)”.
وفي 10 يوليو/ تموز الجاري، أقر مجلس النواب ميزانية موحدة للبلاد بقيمة 179 مليار دينار (نحو 25 مليار دولار)، وهو ما استنكره تكالة، وأعلن تعليق مشاركته في الحوارات التي ترعاها الجامعة العربية لحل الأزمة الليبية.
وشدد المجلس الأعلى للدولة، في بيانه، على “تمسكه بالإطار العام للحل السياسي المُضمن في البيان الثلاثي بالقاهرة، والذي لم يتم الاتفاق فيه على آليات تنفيذ بنوده، بما في ذلك آلية تشكيل الحكومة” داعيا مجلس النواب إلى “عدم الاستمرار في اتخاذ خطوات منفردة من شأنها تكرار الفشل وتكريس حالة الانقسام”.
وإلى حين التوافق على الآليات، أكد المجلس أنه “لن يعتد بأي إجراء من طرف واحد”، في إشارة إلى إعلان مجلس النواب فتح باب الترشح لتولي رئاسة حكومة موحدة.
وتوجد حاليا حكومتان في ليبيا، إحداهما معترف بها من الأمم المتحدة، وهي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة ومقرها العاصمة طرابلس وتدير منها غرب البلاد بالكامل.
أما الثانية فهي حكومة أسامة حماد، وكلفها مجلس النواب قبل ثلاثة أعوام، ومقرها بمدينة بنغازي، وتدير شرق البلاد بالكامل ومدن في الجنوب.
وهذا الوضع خلق أزمة سياسية، يأمل الليبيون حلها عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية تحول دون إجرائها خلافات بشأن قوانينها والجهة التنفيذية التي ستشرف عليها.
عقيلة صالح يؤكد أن مجلس النواب الليبي أوفى بكافة الاستحقاقاتعقيلة صالح يؤكد أن مجلس النواب الليبي أوفى بكافة الاستحقاقات
بغداد – بدأت معالم الانفراج في حل أزمة تشكيل حكومة ليبية مع إعلان مجلس النواب فتح باب الترشح لرئاسة حكومة جديدة، داعياً من يرغب في الترشح تقديم مستندات ترشحه إلى مقر المجلس في بنغازي اعتباراً من الأحد حتى 11 أغسطس/آب المقبل، في خطوة أولى على طريق الحل السياسي والوصول إلى انتخابات طال انتظارها.
وأضاف المجلس في بيان الأحد، أن رئيسه عقيلة صالح يدعو النواب وأعضاء المجلس الأعلى للدولة إلى تزكية من يرون فيه الكفاءة لشغل منصب رئيس الحكومة، حسبما جاء في بيان صادر عن الناطق باسم مجلس النواب عبدالله بليحق.
وقال بليحق إن هذه الدعوة تأتي “استناداً إلى أحكام الإعلان الدستوري والتعديل الدستوري الثالث عشر وإلى أحكام قوانين الانتخابات الصادرة عن مجلس النواب، وما جرى الاتفاق عليه بمخرجات لجنة 6+6، واستناداً إلى الاتفاق بين رئيس مجلس النواب ورئيس المجلس الأعلى للدولة ورئيس المجلس الرئاسي بمقر جامعة الدول العربية بالعاصمة المصرية القاهرة في العاشر من مارس/آذار 2024”.
وأضاف البيان أن الدعوة تأتي كذلك استناداً إلى البيان الصادر عن أعضاء مجلسي النواب والدولة بعد اللقاء الذي عُقد بالقاهرة في 18 يوليو/حزيران الجاري، جرى خلاله الاتفاق على “تشكيل حكومة كفاءات موحدة لقيادة البلاد”.
يأتي ذلك على الرغم من خلاف رئيس مجلس الدولة محمد تكالة الشديد مع عقيلة صالح بسبب الخلافات حول صلاحيات المجلسين خاصة بعد إقرار النواب مشروع قانون الموازنة العامة للدولة.
وأعلن ممثلو أطراف النزاع السياسي، من مصر توافقهم على نقاط لإنهاء نزاعات وانقسامات مستمرة منذ سنوات. ومن أهم هذه النقاط، ضرورة دعوة مجلس النواب ليعلن عن فتح باب الترشيح والشروع في تلقي التزكيات ودراسة ملفات المترشحين لرئاسة حكومة موحدة تشرف على إجراء انتخابات عامة.
بعد ذلك رحبت البعثة الأممية بالاجتماع، مشجعة أعضاء المجلسين على البناء على ما جرى الاتفاق عليه، وتوخي مقاربة “تشمل الأطراف الليبية المعنية الأخرى، حتى تفضي مخرجات اجتماعهم إلى حل قابل للتنفيذ سياسيًا”، مضيفة أن “أي خطوات من هذا القبيل يجب أن تكون شاملة ومتضمنة مساراً واضحاً نحو الانتخابات”.
وتعثر تنظيم الانتخابات لسنوات بسبب خلافات، منها ما يتعلق بالجهة التنفيذية التي ستشرف على إجراءها وتأمينها وتمويلها في ظل وجود حكومتين في البلاد.
فمنذ مطلع 2022، توجد حكومة في الشرق برئاسة أسامة حماد كلفها مجلس النواب، وأخرى معترف بها من الأمم المتحدة ومقرها بالعاصمة طرابلس (غرب)، وهي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
ويرى مراقبون ليبيون أن خطوة البدء بتشكيل حكومة وحدة ضرورية ونقطة فارقة على طريق الحل والوصول إلى انتخابات تجدد شرعية الأجسام العامة الراهنة، بما ينهي أزمة سياسية قائمة منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وأكد صالح في وقت سابق من الشهر الجاري أن الحل في ليبيا لن يتحقق إلا من خلال إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وترك الحرية لليبيين للاختيار من خلال انتخابات حرة ونزيهة وشفافة.
وشدد صالح خلال لقائه مع نائبة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة والقائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية لدى ليبيا، ستيفاني خوري،على ضرورة تشكيل حكومة موحدة في كافة أنحاء البلاد تنظم الانتخابات وتشرف عليها، مشيراً إلى أن وجود هذه الحكومة ينهي الانقسام بما يخدم مصلحة الشعب الليبي.
وأوضح صالح أن مجلس النواب الليبي أوفى بكافة الاستحقاقات، من خلال إصدار التعديل الدستوري الـ13، وإصدار قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بما يحقق إرادةَ الشعب الليبي دون إقصاء أو تهميش لأي أحد.
وبدورها ثمنت ستيفاني خوري كافة الجهود المبذولة من مجلس النواب ورئاسته لإجراء الاستحقاق الانتخابي وتوحيد المؤسسات عبر سعيه لتشكيل حكومة موحدة.
وقالت خوري على حساب بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، على منصة إكس، “ناقشتُ مع رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح القضايا موضع الخلاف السياسي في القوانين الانتخابية وحاجة القادة الليبيين إلى الانخراط في حوار بنّاء لتشكيل حكومة موحدة تقود ليبيا إلى الانتخابات. وقد أكد رئيس مجلس النواب دعمَه لعملية سياسية تيسرها الأمم المتحدة”.
وخلال الفترة الماضية التقت خوري رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية الموقتة عبدالحميد الدبيبة، ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، في طرابلس، إضافة إلى قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، حيث بحثت معهم عدداً من الملفات السياسية والاقتصادية.
وتركزت النقاشات على التطورات الأخيرة في ليبيا، وسبل دفع العملية السياسية من أجل تهيئة البلاد لإجراء الانتخابات، والوصول إلى حلول توافقية لتحقيق ذلك الهدف.







