ألقى مشروع قانون مالية 2025 الضوء من جديد على قيمة الدعم الاجتماعي المباشر الموجه إلى الأسر الفقيرة بالمغرب مقارنة بظروف المعيشة والتضخم، وشروط الاستفادة منه المرتبطة بعتبة المؤشر التي لا تزال تثير تساؤلات بين المستفيدين حول معاييرها.
وحسب مضمون تقديم مشروع قانون المالية من لدن وزيرة الاقتصاد والمالية أمام البرلمان الأسبوع الماضي، فإن الحكومة “تعتزم مواصلة هذا البرنامج عبر رفعه؛ ليصل بالنسبة لكل طفل من الأطفال الثلاثة الأوائل المتمدرسين إلى 250 درهما، وبالنسبة للأطفال دون سن الست سنوات أو في وضعية إعاقة من هذه الفئة إلى 350 درهما”.
وسيتم، وفق المصدر ذاته، رفع الدعم لكل طفل من الأطفال الثلاثة الأوائل غير المتمدرسين إلى 175 درهما. أما بالنسبة لليتامى من جهة الأب أقل من ست سنوات المتمدرسين، فسيصل الدعم، حسب مشروع القانون ذاته، إلى 375 درهما، مع احترام سقف الحد الأدنى من هذا الدعم وهو 500 درهم شهريا لكل أسرة.
يسير هذا الإعلان الحكومي ليصطدم بانتقادات المعارضة في البرلمان بشأن “ضعف هذا الدعم”، الذي لا يتناسب مع ظروف المعيشة والتضخم التي تواجه الأسر الفقيرة وحتى المتوسطة بالمملكة، حسبهم.
وفي هذا السياق، قال مصطفى إبراهيمي، عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، إنه “في ظل هذا التضخم الحاصل بالمملكة، يبقى الدعم ضئيلا للغاية، حيث تفقد هذه الأموال قيمتها المعهودة”.
وأضاف إبراهيمي، في تصريح لهسبريس، أن أعطاب هذا الدعم “تبدأ مع تعريف الفقراء وتحديد كم يحتاجون من الدعم، حيث يأتي المؤشر (عتبة 9.74001) عبر 35 معيارا للأسر في الوسط الحضري، و28 معيارا في القروي، وتتمحور حول أمور تتعلق بالسكن وتصل حتى لرصيد الإنترنيت، حيث يعتمد بشكل عام على المصاريف وليس المداخيل”.
وأشار المتحدث نفسه إلى أن هذه المعايير تحسم مؤشر كل أسرة، ويتم الحكم على كل منها ما إذا كانت فقيرة أو غنية؛ وهو ما أقصى فئة كبيرة من الفقراء المغاربة، مشيرا إلى أن “هذه الدقة في تحديد الفقير من الغني غير صائبة، وتظهر أن الـ4 ملايين التي وضعتها الحكومة نصب أعينها لتستفيد من الدعم وحدها دون غيرها من يهمه الأمر”.
وشدد عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية على أن تعويض برنامج “مليون محفظة” كان دليلا على ضعف هذا الدعم؛ وبالتالي على “الحكومة أن تعيد النظر بشكل شمولي في هذا الأمر، وأن تركز أموالها على هذه الفئات عوض قطاعات أخرى تستفيد بشكل مضاعف”.
من جهته، اعتبر إدريس الفينة، خبير اقتصادي، أنه على المستوى الماكرواقتصادي المرتبط بالفرد يعتبر هذا الدعم “ضعيفا للغاية، لكنه بشكل عام أفضل من لا شيء”.
وأضاف الفينة، في تصريح لهسبريس، أن هذه ميزانية حكومية كبيرة تمت إعادة توجيهها بشكل نسبي بعد تحرير قطاع المحروقات في عهد البيجيدي، مؤكدا أن “النقاش سليم أيضا حول المعايير والمؤشرات التي يتم اعتمادها لتحديد المستفيدين، والتي تبقى غير منطقية”.
وأشار المتحدث نفسه إلى أن عتبة المؤشر والمعايير المتباينة بين الحضري والقروي كلها عوامل “ساهمت في تحويل الدعم إلى لحظة إقصاء لفئات مهمة من الفقراء لأسباب غير موضوعية”.
وشدد الخبير الاقتصادي نفسه على ضرورة مراجعة هذه المؤشرات، والبحث عن سبل رفع الحد الأدنى من الدعم المباشر لتفوق 500 درهم لتناسب التضخم الحاصل في الأسعار، ومستلزمات تمدرس الأطفال، لافتا إلى أن “لائحة الفقراء الذين تم تحديدهم في زمن كورونا قد تكون مؤشرا سليما لصرف هذا الدعم عوض مسطرة العتبة”.