كشفت دراسة جديدة عن انقسام وشاح الأرض، موضحة السبب الكامن وراء ذلك وكيف يعكس هذا الانقسام مراحل قديمة من تطور القارات.
وتشير الدراسة إلى أن وشاح الأرض ليس متجانسا، بل مقسم إلى مجالات بسبب طوق النار في المحيط الهادئ (منطقة ذات نشاط زلزالي وبركاني مرتفع تُحيط بالمحيط الهادئ وتشكل حلقة تقريبية)، وهو انقسام قديم يعكس تكوّن وتفكك قارة بانجيا العملاقة.
ويحتوي أحد هذين القسمين على معظم أراضي كوكبنا، ويُسمى المجال الإفريقي. ويمتد هذا المجال من الساحل الشرقي لآسيا وأستراليا، عبر أوروبا وإفريقيا والمحيط الأطلسي، وصولا إلى الساحل الغربي لأمريكا الشمالية. بينما يغطي القسم الآخر، المعروف باسم مجال المحيط الهادئ، منطقة المحيط الهادئ.
ووفقا للدراسة الجديدة، فإن الوشاح تحت المجال الإفريقي مليء بالعديد من العناصر ونظائرها، ما يدل على تنوع أكبر بكثير مقارنة بمجال المحيط الهادئ.
وتتبعت الدراسة مراحل تطور القارات على مدار مليار سنة، بما في ذلك قارتين عظيمتين: رودينيا التي تشكلت منذ نحو 1.2 مليار سنة وتفككت منذ نحو 750 مليون سنة، والثانية بانجيا، التي تشكلت منذ نحو 335 مليون سنة وتفككت منذ نحو 200 مليون سنة.
وتوضح الدراسة، وفقا لما قاله لوك دوسيت، الباحث المشارك في الدراسة، وهو زميل أبحاث أول في علوم الأرض والكواكب في جامعة كيرتن في أستراليا، كيف أن هذه القارات تجمعت وتفككت، ما أثر على التركيب الجيولوجي للوشاح.
وبحسب دوسيت: “إن ما نراه اليوم هو في الأساس ما حدث أثناء الانتقال من رودينيا إلى بانجيا ثم تفكك بانجيا”.
وتجمعت هاتان القارتان فوق ما يُعرف الآن بالمجال الإفريقي. ومع انغلاق المحيطات بينهما، انزلقت القشرة المحيطية تحت القارات، (عملية تعرف باسم الاندساس)، ما أدى في بعض الأحيان إلى سحب الصخور القارية معها.
وأوضح دوسيت أن هذا السحب أدى إلى نقل العناصر والنظائر من القشرة القارية إلى الوشاح تحت القارة العظمى النامية.
واستمر هذا النظام الجيولوجي بشكل مختلف قليلا بمجرد تجميع القارات العظمى، حيث اندست قشرة المحيط تحت حواف رودينيا، ثم بانجيا لاحقا، تحت القشرة القارية، ما أدى مرة أخرى إلى تآكل بعض الصخور القارية مع اصطدام الصفائح التكتونية معا.
وأكد دوسيت أن هذا خلق تأثيرا قمعيا، حيث “تتركز كل العناصر أسفل القارة العظمى”.
وحتى بعد تفكك بانجيا، استمرت هذه التوقيعات في كل من الوشاح العميق والضحل، وفقا لما ذكره دوسيت وفريقه في 18 أكتوبر في مجلة Nature Geoscience. في متابعة لبحث عام 2020 حول الصهارة من الوشاح العميق.
وركز دوسيت وتشينغ شيانغ لي، الأستاذ الفخري في جامعة كيرتن، على الصهارة الضحلة في الوشاح في الدراسة الجديدة. وفحصوا كيمياء 3983 عينة من التلال المحيطية الوسطى، حيث تتباعد الصفائح التكتونية وتتسرب الصهارة من الوشاح الضحل وتتصلب في الصخور البركانية أو البازلت.
واستخدم الفريق التعلم الآلي لمقارنة التركيبات العنصرية والنظيرية للبازلت من جميع أنحاء العالم ومن نفس الفترات الزمنية. وكما هو الحال في الصهارة من مصادر الوشاح العميق، وجدوا أن الوشاح الضحل انقسم إلى المجال إفريقي ومجال المحيط الهادئ.
وقال دوسيت إن النتائج تلقي المزيد من الضوء على العمليات التي تربط الوشاح بالسطح. وتوضح الدراسة كيف أن عمليات الصفائح التكتونية تساهم في تدوير العناصر الأساسية للحياة، مثل الكربون والزنك، ما يعكس العلاقة الوثيقة بين النشاط الجيولوجي وتطوير الحياة على الأرض.
ويمكن لفهم ديناميكيات وشاح الأرض أن يساعد على تحسين معرفتنا حول كيفية تأثير العمليات الجيولوجية على الكوكب، ما يعزز فهمنا للتاريخ الجيولوجي للأرض.