شنت وكالة سبأ التابعة لجماعة الحوثي في العاصمة صنعاء هجوما حادا على المملكة العربية السعودية، ونظامها السياسي، والأسرة الملكية الحاكمة، واتهمتها بالعديد من الاتهامات.
الهجوم الحوثي جاء على لسان المحرر السياسي في مقال نشرته الوكالة الرسمية، وتضمن تصعيدا غير مسبوق، في جملة الرسائل التي أرادت الجماعة ارسالها للرياض، وذلك في ظل العديد من التطورات الميدانية والسياسية في اليمن والمنطقة.
اتهام بالدور المشبوه
الحوثيون اتهموا الرياض بالتآمر والدس والوقيعة، واستخدام النفط لصالح الأسرة الحاكمة، واشباع ما وصفته الوكالة بالرغبات الشاذة للأمراء والأميراتـ، وتمويل تنفيذ سلسلة من المؤامرات كالانقلابات والاغتيالات في العديد من الدول العربية والإسلامية ودول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.
وصف الحوثيون دور السعودية بالقذر الذي تلعبه في المنطقة العربية وبقية الدول الإسلامية، قائلين أنها لم تراع حرمة الأماكن المقدسة فيها مكة المكرمة والمدينة المنورة، وأن نظامها الحاكم بنته القوى الاستعمارية لحماية مصالحها، وتأمين استغلال عائدات النفط، وتحويل الأراضي السعودية إلى سوق لمنتجاتهم الصناعية، وأنه نظام يقبع تحت سيطرة وكالات الاستخبارات الأمريكية والبريطانية والأوروبية الغربية.
تواصل الجماعة حديثها عن السعودية ويتهمها بتدمير أنظمة، وحياكة مؤامرات، والتسبب بانهيار قيمي وأخلاقي معتبرة ما حصل في اليمن وسوريا ولبنان والسودان وليبيا من تدمير كان للسعودية الدور الأبرز فيه.
الوضع العام
تأتي هذه الاتهامات من الحوثيين في ظل علاقة متذبذبة بين الطرفين، ففي وقت سابق أبدى الحوثيون رغبتهم في التحاور مع السعودية بشكل مباشر، بعيدا عن الحكومة اليمنية، التي يعتبرونها فاقدة للقرار، باعتبار الرياض طرفا أصيلا في الحرب، وفقا لوزير الخارجية في حكومة الحوثيين جمال عامر، خلال لقائه في التاسع والعشرين من أكتوبر كبير مستشاري مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن فاطمة الزهراء لنقي.
عامر تطرق لما وصفه بخارطة طريق متفق عليها، وأن الحكومة التي يمثلها – في إشارة للحوثيين – جاهزة للتوقيع عليها، في حال كان النظام السعودي جادًا للمضي في جعلها واقعًا، وفق تعبيره.
لكن هذه التصريحات لوزير الخارجية، كانت هي الأخرى بمثابة رسائل واضحة، جرى تمريرها من خلال لقاءه بمكتب المبعوث الأممي، ثم لحقت بها الموقف الأخير، الذي أبان عن تصعيد فريد من نوعه للحوثيين في وجه الرياض.
خسائر فادحة
تصريحات زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي هي الأخرى بدت بلهجة أكثر تهديدا، حين توعدها مؤخرا في أحد خطاباته بخسائر فادحة، في حال تورطت بتسهيل الهجمات عليها، من قبل إسرائيل، والتحالف العسكري الذي تقوده واشنطن في البحر الأحمر.
تدرك السعودية جيدا هذا المأزق، ولذلك جاء موقفها من هجمات الحوثيين البحرية، وعلى إسرائيل باهتة، ولم يصدر عنها ما يؤيد تلك الضربات التي سبق لها تنفيذها في اليمن، من خلال التحالف العسكري الذي قادته بمعية الإمارات.
وربما تدرك الرياض أهمية التوصل لحلول سلمية مع جماعة الحوثي، خاصة بعد السنوات الطويلة من الحرب معهم، ولم تحقق فيها النتائج المأمولة، وهذه الرغبة دفعتها نحو مهادنة الحوثيين، ومحاولة تهدئة النيران التي يمكن أن تلتهم العلاقة بين الجانبين، وهي تلك العلاقة التي بدأت بشكل رسمي مع زيارة السفير السعودية لصنعاء قبل أعوام، ولقائه بقيادات الحوثيين، انطلاقا من الوساطة التي قادتها سلطنة عمان في هذا المحور.
السعودية من جهتها تلمح هذه الفرص التي تستغلها صنعاء، وتسعى جاهدة لقطع الطريق، تجنبا لمزيد من التصعيد، خاصة في البحر الأحمر، وهو ما كشفه المبعوث الأمريكي إلى اليمن، عندما تحدث عن دول عربية امتعنت عن إدانة الحوثيين، وذكر السعودية كأحد تلك الدول، ما يعكس الرغبة السعودية في تجنب التصادم مع الحوثيين من جديد، خاصة وهي تراقب تنامي قدراتهم الصاروخية، والإخفاق الأمريكي في مواجهتها.
تحركات تغذي التصعيد
تتزامن هذه التطورات في العلاقة بين الطرفين مع تحركات من شأنها أن تضاعف نذر المواجهة، وتتضمن مؤشرات لاستخدام أوراق جديدة، ولا يعرف بعد ما إذا كان ذلك وسائل ضغط بين الطرفين أم ماذا؟
ومن ذلك تشكيل وولادة التكتل السياسي الذي يضم الأحزاب السياسية في اليمن، والتي تدين جميعها بالولاء للسعودية، وتتحالف معها، ومن أبرزها المؤتمر الشعبي العام، والتجمع اليمني للإصلاح، وجميعها ظلت مجمدة طوال الفترة الماضية، لكن الرياض عملت على إعادة بعث الروح فيها، من عدن، وجعلت على قائمة أهدافها مواجهة جماعة الحوثي، وهي الخطوة التي استفزتها في صنعاء، مثلما استفزت الانتقالي في عدن