أبدت صادرات الغذاء التونسي صلابة أمام التحديات المناخية التي تهدد البلاد، حيث سجلت صادرات المواد الزراعية رقما قياسيا تجاوز 7 مليارات دينار أي ما يعادل 2.25 مليار دولار خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي، بينما تصدّر زيت الزيتون قائمة المواد المدرة للعملة الصعبة.
وكشفت بيانات صدرت عن المرصد الوطني للفلاحة (حكومي) أن الصادرات الغذائية تطورت بنسبة 27% إلى حدود نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وذلك مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
ونتيجة لذلك، حقق الميزان التجاري الغذائي خلال الأشهر العشرة الأولى لسنة 2024 فائضا بقيمة 1.4 مليار دينار مقابل عجز بقيمة 915.7 مليون دينار في نفس الفترة من السنة المنقضية، إذ بلغت نسبة تغطية الواردات بالصادرات 124.7% مقابل85.7% خلال عام 2023. ويعزى هذا الفائض بشكل أساسي إلى ارتفاع قيمة صادرات زيت الزيتون التي تطورت بنسبة 47.7% وتحسن صادرات التمور بنحو 31%.
ورغم تأثيرات الجفاف الذي تعاني منه البلاد منذ أكثر من خمس سنوات، يثبت القطاع الزراعي في تونس قدرته على التأقلم مع العوامل المناخية ونقص مياه الري.
ويقول الخبير الزراعي أنيس الخرباش إن عوامل عديدة تحفز تطور القطاع الزراعي، وتزيد مساهمته في تعديل الميزان التجاري للبلاد أبرزها الطلب العالمي المتزايد على المواد الفلاحية منذ جائحة كورونا والجودة العالية للمنتجات التونسية.
وأكد الخرباش في تصريح لـ”العربي الجديد” أن زيت الزيتون التونسي يعد محركا أساسيا للصادرات ويساهم بشكل فعال في تنمية صادرات المواد الفلاحية إلى جانب التمور ومنتجات الصيد البحري.
واعتبر الخبير الزراعي أن إفلات الصادرات الزراعية من تداعيات الجفاف والتقلبات المناخية مرده إلى الاشتغال على جودة هذه المنتجات، بما ساعد على اقتحامها لأسواق جديدة على غرار الأسواق الآسيوية والأفريقية.
وبسبب الجفاف تراجع مخزون المياه في سدود البلاد إلى 21% من طاقتها التخزينية، كما تواصل السلطات تنفيذ قرار تقسيط مياه الري والشرب في العديد من مناطق البلاد. ويؤكد خرباش أن زيت الزيتون والتمور ومنتجات الصيد البحري التونسية أصبحت علامات تصديرية مهمة وتنافس على مراكز عالمية متقدمة.
صادارت زيت تونس وقال: “استفادت صادرات زيت الزيتون أيضا من تراجع الإنتاج في الدول المنافسة على غرار إسبانيا وإيطاليا اللتين تضررتا أيضا بالجفاف خلال العام الماضي، ما أدى إلى هبوط حاد في المحاصيل وارتفاع أسعار الزيت في السوق العالمية”.
وأفاد المرصد الوطني للفلاحة بأن قيمة صادرات زيت الزيتون بلغت حتى أواخر أكتوبر من هذا العام 4.1 مليارات دينار مقابل 2.8 مليار دينار في الفترة نفسها من السنة الماضية بزيادة فاقت 47%، غير أن الكميات المصدرة تراجعت بنسبة 3.6% لتبلغ 156.2 ألف طن، ما يعني أن تحسن الأسعار هو الذي أسهم في تطور قيمة الصادرات.
وشدد خرباش على ضرورة العمل على تحسين قدرة الصادرات الزراعية على الصمود أمام التحديات المناخية المستمرة ونقص الأمطار، عبر دعم الحلقة الأساسية للإنتاج وهي المزارعون.
وقال: “يجب أن تقف الدولة إلى جانب المزارعين وتوفر لهم الدعم المالي الكافي لضمان استقرارهم المادي والحفاظ على جودة الإنتاج واستدامة المنظومات الغذائية سواء لتزويد السوق المحلية أو لغايات تصديرية”.
وتحدث تقرير المرصد الاقتصادي للبنك الدولي الصادر أخيرا عن أهمية تعافي قطاع الفلاحة في تحسين نسب النمو الاقتصادي للبلاد. ووفق ذات التقرير، فقد شهد اقتصاد تونس نموا بنسبة 0.6% في النصف الأول من عام 2024، بزيادة محدودة مقارنة بأدائه في عام 2023، مع تراجع التضخم وتعافي قطاع الفلاحة.