تشهد تونس نزيفًا حادًّا لهجرة الكفاءات العليا، خاصة منهم الأطباء نحو البلدان الأوروبية وبلدان الخليج، بحثا عن فرص لتطوير مهاراتهم وعن ظروف عمل أفضل أمام التدهور الكبير في البنية التحتية للمستشفيات، بالإضافة إلى مستوى الأجور المرتفع في الخارج، وهو ما دفع وزارة الصحة إلى العمل مؤخرا على وضع الآليات الملائمة لاستعادة كوادرها
هروب العقول الكبرى” أو هجرة الكفاءات الطبية . ظاهرة عصفت بالمؤسسات الاستشفائية خاصة في المناطق الداخلية خلال السنوات الأخيرة وانعكست سلبا على واقعها، وهو ما خلّف نقصا واضحا في الإطارات الطبية بهذه المناطق. ولم تشمل هذه الهجرة الجماعية، الأطباء بجميع اختصاصاتهم وحسب، بل أيضًا الفئات العاملة في القطاع الصحي على غرار أطباء الاختصاص وأساتذة والإطارات شبه الطبية.
فلنتعرّف معا في هذا المقال التفسيري على هذه الظاهرة وأسبابها.. والوجهات الأكثر استقطابا للكفاءات التونسية.. وكذلك الحلول الكفيلة بوقف هذا النزيف؟
آلاف يغادرون.. لأسباب متداخلة
بينت إحصائيات رسمية تم نشرها سنة 2024 أن حوالي 4 آلاف طبيب غادروا البلاد في غضون السنوات الثلاث الأخيرة في الوقت الذي يبلغ عدد الأطباء المسجلين بعمادة الأطباء نحو 29 ألف طبيب وطبيبة.
ويغادر تونس سنويًا 80% من الأطباء الشبان حديثي التخرّج، وجهتهم الأساسية دول الاتحاد الأوروبي، وتُعتبر ألمانيا وفرنسا وجهة أولى لهم، تليهما دول الخليج وكندا.
أما عن الأسباب فهي عديدة، وتتلخص في معاناة أغلبهم من ظروف العمل الصعبة بسبب نقص الموارد والتجهيزات، إضافة إلى أعباء العمل المرهقة، وانسداد الأفق والأجور الهزيلة مقارنة بما يتقاضاه نظراؤهم في الخارج.