تقوم جماعة الإخوان بتنشيط أدواتها الإعلامية والتحريضية في الخارج، مستهدفة السفارات والبعثات الدبلوماسية المصرية بعد أن زعمت التضامن مع غزة. كشفت تقارير ومراقبون عن تحركات منظمة تهدف إلى الإساءة للدور المصري، وتوظيف الملف الإنساني في قطاع غزة لصالح أجندات مشبوهة، حيث رصدت دعوات على منصات محسوبة على الجماعة تدعو إلى تنظيم وقفات أمام السفارات المصرية في مدن أوروبية مثل أمستردام ولندن وبرلين وباريس، بالإضافة إلى دول عربية، بزعم دعم أهالي غزة. إلا أن الخطاب المستخدم كشف عن نوايا أخرى، حيث اتهمت مصر بـ”الحصار”، في محاولة لتأليب الجاليات العربية ضدها.
تضمن أحد تصرفات الجماعة محاولة لإغلاق مقر السفارة المصرية في أمستردام عبر قفله بمعدن، مع توجيه الشتائم للعاملين فيه، وبث تلك المشاهد عبر الإنترنت. وفي تل أبيب، أثار بيان منسوب لاتحاد أئمة المساجد داخل فلسطين حول تنظيم مظاهرة أمام السفارة المصرية غضبًا واسعًا، حيث اتهمت الجماعة مصر بتجاهل الحقائق على الأرض، وتجاهل جهودها في التفاوض وإدخال المساعدات، بينما تواصل القوات الإسرائيلية فرض القيود على دخول المساعدات عبر معبر رفح، وتروّج أكاذيب حول إغلاقه وتعطيل حركة الشاحنات.
شبكة التحريض الإعلامية
تماشيًا مع التحركات الميدانية، نشطت الجماعة شبكاتها الإعلامية والإلكترونية في الخارج، لشن هجوم منسق على الدور المصري، وتكرار روايات تزعم إغلاق معبر رفح في وجه المساعدات، متجاهلة جهود الأمم المتحدة والمنظمات المعنية التي تؤكد أن مصر تبذل جهودًا حثيثة. تداولت الحسابات التابعة لعناصر إخوانية وسومًا تحريضية ودعوات مباشرة لـ”محاصرة” السفارات والقنصليات، باستخدام وسائل التهويل والتشويه.
ردود الفعل المصرية والحقائق الرسمية
يؤكد دبلوماسيون ومحللون أن هذه الحملات المدعومة من الإخوان لا تعكس إلا محاولات لتشويه صورة مصر في المحافل الدولية، رغم اعتراف المجتمع الدولي بالدور الفعلي الذي تلعبه مصر في التهدئة وتسهيل دخول المساعدات إلى غزة. وأوضح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مصر لا تتخلى عن دعم الأشقاء الفلسطينيين، مشددًا على أن معبر رفح يظل مفتوحًا، وأن ما يعطل إدخال المساعدات هو القيود الإسرائيلية التي تستهدف البنية التحتية وتعرقل حركة الشاحنات.
موقف مصر التاريخي واستراتيجية التصدي للتحريض
قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، إن كلمات الرئيس السيسي جاءت في ظرف حساس لتأكيد موقف مصر الثابت المساند للقضية الفلسطينية، ورفض الإملاءات الخارجية التي تستهدف المساس بالموقف المصري. أشار إلى أن محاولات التشكيك في دور مصر ستكون فاشلة، وأن مشاركة مصر في قوافل دعم الشعب الفلسطيني، مثل قافلة “زاد العزة”، تؤكد إصرارها على دعم الحقوق الفلسطينية ورفض التلاعب بالملف الإنساني. ودعا إلى أن تبقى مصر دائمًا في موقفها الثابت، رغم محاولات التوطيف الإعلامي والسياسي من جماعة الإخوان وبعض الجماعات المتطرفة.
استراتيجية الإرباك والإرهاق
بيّن الباحث ماهر فرغلي أن تحريض الإخوان ضد السفارات المصرية يُعد جزءًا من استراتيجية “الإرباك والإنهاك”، التي تهدف إلى إثارة الفوضى عبر إثارة نقاط متفرقة، مستغلين ملف غزة كقضية إنسانية لجذب الشعوب، خاصة في مصر والأردن، بقصد تمرير قضايا التهجير والإرباك الأمني والسياسي. أوضح أن الدعوات لمظاهر أمام السفارات، خاصة من اتحاد الأئمة في تل أبيب، تأتي رغم مسؤولية إسرائيل الأساسية عن الدمار في غزة، وتعد محاولة لإعطاء مبررات لخطط إرهابية وتوتير الأجواء.
أكد فرغلي أن تأثير تلك الحملات محدود داخل مصر، وأن العناصر المرتبطة بالإخوان تنشط بالخارج، حيث تحاول التصعيد عبر تصوير أحداث تحريضية قصيرة قبل الانسحاب. في المقابل، اعتبر النائب مصطفى بكري أن هذه الحملات لا تعدو كونها محاولات فاشلة للنيل من سمعة مصر، وتحقيق أهداف سياسية تآمرية، وهي جزء من حملات التشويه الممنهجة التي يشنها بعض الجماعات.







