تتصاعد الضغوط الأميركية والدولية على لبنان لجعل الحكومة تتخذ خطوات لنزع سلاح حزب الله، إلا أن قيادة الحزب ردت بقوة ورفضت تلك الضغوط بشكل واضح، متهمة من يطالب بتفكيك سلاح الحزب بخدمة المشروع الإسرائيلي.
كرر الأمين العام نعيم قاسم موقف الحزب في خطاب تصعيدي، مؤكداً أن سلاح الحزب “ليس قابلاً للنقاش”، حتى إذا انسحبت إسرائيل من جميع الأراضي اللبنانية، وهو ما اعتبره الباحث السياسي أحمد عياش مجرد فرضية خيالية، لكنه أكد أن الحزب لن يتخلى عن سلاحه حتى لو تحقق هذا السيناريو، مما يدل على أن المسألة تتعلق أكثر بهوية الحزب ودوره الإقليمي التابع لطهران.
لبنان يتأرجح بين احتمالات التسوية والانفجار
تزامنًا مع تصريحات قاسم، تستعد الحكومة اللبنانية لعقد جلسة تاريخية يوم الثلاثاء المقبل لمناقشة خطة لنزع سلاح حزب الله تدريجيًا، تتوافق مع أن يكون سلاح الدولة هو الوحيد المسموح به. ويعد هذا الاجتماع الأول من نوعه الذي يضع على جدول أعماله بشكل رسمي ملف سلاح الحزب، وهو استحقاق لم يجرؤ أي حكم سابق على الإقدام عليه.
لكن السؤال الحقيقي هو مدى قدرة الحكومة على تنفيذ تلك الخطة، خاصة وسط توازنات قوة غير متوازنة على الأرض، حيث سبق وأن واجه الحزب مقاومة وفرض حالة من التصعيد، كما حدث في مايو 2008 عندما اقتحم بيروت رداً على قرار الحكومة بإغلاق شبكة اتصالاته الخاصة.
الجيش اللبناني بين الالتزام الوطني والواقع الصعب
أكد قائد الجيش العماد رودولف هيكل، بمناسبة عيد الجيش، أن المؤسسة العسكرية ستواصل أداء مهامها رغم ضعف الإمكانيات، مؤكدًا التزامها بتنفيذ قرار السلطة السياسية وتطبيق القرار الدولي رقم 1701 الذي ينص على حصر السلاح بيد الدولة. ومع ذلك، بدا حديثه محاولة لطمأنة الداخل والخارج أكثر من كونه إشارة على تحرك وشيك، خاصة مع الوضع المالي المتدهور منذ عام 2019، وصعوبة مواجهة قوة مثل حزب الله التي طورت بنية أمنية غير مرتبطة بالدولة.
ربط المجتمع الدولي للتعافي بتنفيذ نزع السلاح
تشترط الدول الغربية والعربية ربط عمليات إعادة الإعمار في لبنان بملف تسوية سلاح حزب الله، حيث يرى عياش أن أي تمويل لإعادة الإعمار لن يتحقق في ظل وجود سلاح غير منضبط يُستخدم في حروب قادمة، مما يعيد إلى الأذهان سيناريو عام 2006، حينما توافدت المساعدات لكن عادت أدراجها مع تصاعد المواجهات.
ويواجه لبنان خيارًا صعبًا: إما المضي في نزع السلاح الفعلي لفتح الأبواب للمساعدات الدولية، أو الاستمرار في العزلة المالية والاقتصادية التي قد تقضي على مؤسسات الدولة الكسيحة أصلاً.
إيران وتأثيرها في مستقبل سلاح حزب الله
برزت إيران كلاعب رئيسي في تحديد مستقبل سلاح الحزب، حيث أشار عياش إلى أن القرار النهائي بشأن سلاح الحزب لا يُتخذ في بيروت، بل في طهران، مؤكداً أن السلاح هو استثمار ضخم من قبل إيران، ولن تتخلى عنه بسهولة، خاصة وسط تزايد التوترات الإقليمية وتصعيد نزاعات في سوريا والعراق واليمن.
تصعيد محتمل أم تكتيك حذر؟
مع اقتراب جلسة الحكومة، تتزايد المخاوف من تفاقم الوضع الأمني، خاصة أن تصريحات قاسم قد تُفسر على أنها إشارة لإسرائيل، رغم أن الحزب يواجه قيودًا داخلية وخارجية تجعل تكرار سيناريو 2008 ضعيفًا. داخليًا، يعاني الحزب من تراجع شعبي نتيجة الأزمة الاقتصادية، وخارجياً تراقب تل أبيب التحركات، وتفرض واشنطن وحلفاؤها خطوطًا حمراء جديدة على الحزب.
لبنان بين مخاطر داخلية وخارجية
يبقى لبنان على مفترق طرق بين نجاحه في فرض مسار سياسي تدريجي لنزع السلاح وتعزيز سيادة الدولة، أو الانزلاق لصراع داخلي أو إقليمي قد ينهار معه المؤسسات الهشة بشكل كامل. وحتى جلسة الأسبوع المقبل، يبقى الوضع مفتوحًا على احتمالات متعددة، من تسوية خارجية إلى انفجار داخلي، مع تراجع السؤال ليصبح: ما الثمن الذي سيدفعه لبنان قبل أن تبدأ عملية نزع سلاح حزب الله؟







