رئيس التحرير: سراب حسان غانم
مدير التحرير: رماح اسماعيل

عاجل | غزة ومبادرة ويتكوف بين إنقاذ التهدئة والانقسامات الإسرائيلية

شارك

تقف غزة اليوم على حافة الانفجار، فيما تحاول الولايات المتحدة من خلال مبعوثها ستيف ويتكوف السيطرة على الوضع المتأزم. تحركت واشنطن لمحاولة تهدئة الحرب المستعرة، لكن تلك الجهود تأتي متأخرة، وسط أسئلة عميقة عن قدرتها على احتواء التصعيد الذي بدأ يكسر كل الخطوط الحمراء داخل إسرائيل وخارجها.

ورقة الإنقاذ الأخيرة: مبعوث البيت الأبيض إلى إسرائيل

وصل ستيف ويتكوف إلى إسرائيل حاملاً محاولة أخيرة لاحتواء تصاعد الأزمة في غزة، ويهدف إلى مناقشة الوضع الإنساني الكارثي في القطاع، مع إمكانية زيارته لمراكز الإغاثة التابعة لصندوق غزة الإنساني، في خطوة تمثل مسعى لإيجاد مخرج للأزمة المتفاقمة. وتفيد مصادر إعلامية بأن الإدارة الأميركية حريصة على تحقيق تفاهمات سريعة، لكن التحديات كثيرة في ظل استمرار التصعيد العسكري وعدوانية الموقف الإسرائيلي.

موقف ترامب وتفاعله مع الأزمة

أبدى الرئيس ترامب اهتمامًا شخصيًا بتطورات الوضع، معبرًا عن صدمته من مشاهد المجاعة في غزة، ووجه انتقادات ضمنية للحليف الإسرائيلي، نتنياهو، عندما وصف تقارير المجاعة بأنها “مفبركة”، في نبرة نادرة تظهر خلافات واحتقانات بين الحليفين على الرغم من الأطر السياسية القائمة.

الداخل الإسرائيلي يشتعل والأزمة السياسية تتفاقم

يشهد المجتمع الإسرائيلي حالة من التوتر الشديد، مع مظاهرات شبه يومية تندد باستمرار العمليات العسكرية، وتتصاعد المعارضة السياسية التي تهاجم الحكومة بشكل غير مسبوق. دعا رئيس المعارضة يائير لابيد إلى إقالة وزير التراث عميحاي إلياهو، بعد دعوته لإلقاء قنبلة نووية على غزة، الأمر الذي أثار موجة إدانة داخلية وخارجية. كما كشفت وسائل الإعلام عن صدامات حادة بين وزراء الحكومة ورئيس أركان الجيش هيرتسي هاليفي، بشأن خطة إعادة احتلال شمال غزة، مع تحذيرات الجيش من استنزاف طويل الأمد للمجهود الحربي، ورفض اليمين المتشدد التراجع نحو التهدئة في ظل هذه الظروف.

تصريحات ترامب: مجاعة حقيقية ونفي نتنياهو

في ردة فعل غير معتادة، وصف ترامب من اسكتلندا الوضع في غزة بأنه “مجاعة حقيقية”، مشيرًا إلى أن من لا يعترف بذلك يتسم بـ”القسوة أو الجنون”. يأتي ذلك بعد أن حاول نتنياهو نفي تقارير الأزمة الغذائية، مما يعكس وجود خلاف غير معلن في العلاقات الأميركية–الإسرائيلية رغم التحالف بين الطرفين.

موقف التحالف الدولي والحلول المقترحة

يرى الباحث السياسي إلحنان ميلر أن زيارة ويتكوف تعبر عن “فرصة اللحظة الأخيرة”، إذ يستنزف صبر الإدارة الأميركية مع تصاعد التوتر. ويشير إلى أن مواقف فرنسا ولندن الأخيرة بخصوص الاعتراف بدولة فلسطينية يمكن أن تدفع واشنطن لمراجعة سياستها، خاصة إذا استمرت في دعم إسرائيل بشكل مطلق. كما توقع وجود شروط أميركية جديدة تتعلق بانسحاب حماس من الحكم وتسليم غزة للسلطة الفلسطينية، مع إنشاء آلية جديدة للمساعدات بعيدًا عن حماس. لكن ميلر يرى أن هذه التصورات ما زالت نظرية، وأن النهج الإسرائيلي الحالي هو “حرب أبدية” بلا أفق سياسي، ويعيش القطاع مأساة إنسانية مع وضع مأساوي للأسرى الإسرائيليين في الأنفاق.

مأزق داخلي وخارجي وضرورة التهدئة

يؤكد المحللون أن الشارع الإسرائيلي بدأ يفضل صفقة تبادل للمختطفين، خاصة مع تراجع التأييد للحرب، رغم معارضة جناح اليمين المتشدد. تشير استطلاعات الرأي إلى تفضيل شعبوي لإنهاء المعركة مقابل صفقة، وهو ما يعارضه التيار اليميني الراديكالي الذي يرى في استمرار الحرب فرصة لتعزيز مواقعه السياسية. وأصبح من الواضح أن الاتجاه يمر بتصدعات داخل الحكومة الإسرائيلية، مع انقسامات واضحة بين المسؤولين بشأن مستقبل العمليات العسكرية في غزة. وفي ظل تلك الظروف، تتزايد إمكانية أن يؤدي تصاعد الضغط الدولي وتهديدات دولية إلى تغيير الموقف الإسرائيلي، خاصة مع تحركات فرنسا ببداية اعتراف بدولة فلسطينية، وربما انضمام دول أخرى قد يخلق تحولات مهمة على الساحة الدولية.

هل تنجح جهود التهدئة قبل الانفجار الكامل؟

تبدو الأوضاع في غزة مهددة بالانفجار إذا استمرت التحديات السياسية والعسكرية، ومع تزايد الضغوط الدولية وتردي الوضع الإنساني، تظل زيارة ويتكوف فرصة أخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. فهل ستنجح الدبلوماسية الأميركية في تخفيف النار المشتعلة، أم ستواصل الأوضاع تدهورها، ودماء غزة تراق على وقع الانقسامات الرهيبة؟

مقالات ذات صلة