أعلنت الإدارة الأمريكية، من خلال تصريح للرئيس دونالد ترامب، عن خطط جديدة لتوفير الطعام لسكان قطاع غزة، معبرًا عن قلقه من تصاعد الأزمة الإنسانية في المنطقة. لم تكن رسائل ترامب خالية من التهم، إذ حمّل حركة حماس مسؤولية “سرقة المساعدات وعرقلة وصولها”، مؤكدًا أن فريقه، برئاسة مستشاره ستيف ويتكوف، يعمل على خطة شاملة لم يُفصح عن تفاصيلها، مكتفيًا بالقول إنه سيتم الإعلان عنها قريبًا.
التحركات الإنسانية والاتهامات المتبادلة
زار المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف والمستشار الأمريكي لدى إسرائيل مايك هكابي مركز توزيع المساعدات في مدينة رفح، حيث ركزا على أهمية إيصال الدعم العاجل للسكان في ظل تصاعد العمليات العسكرية. في الوقت ذاته، زادت إسرائيل من ضغطها على حماس، متهمة إياها بـ”معاداة المؤسسة” و”منع وصول الإغاثة” و”نهب” المساعدات aid، وهو الأمر الذي يعكس تصاعد التوترات بين الطرفين.
تصاعدت عمليات إنزال المساعدات الجوي، حيث شهد سماء غزة تحليق طائرات إماراتية، أردنية، وألمانية، وفرنسية، وإسبانية، في مشهد يظهر تزايد الجهود الدولية رغم العوائق السياسية والميدانية. وجاء ذلك في وقت تتوقف فيه المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين، حيث أكدت مصادر أن حماس توقفت عن المشاركة، مما أدى إلى انسحاب الوفدين الأمريكي والإسرائيلي من محادثات الدوحة، فيما يتهم الأمريكيون حماس بالسوء نية في التفاوض.
استخدام المجاعة كسلاح وتدهور الوضع السياسي
قال الباحث السياسي جمال زقوت إن ما يحدث في غزة هو “استخدام ممنهج للتجويع كسلاح إبادة”، مشيرًا إلى أن زيارة ويتكوف للمنطقة ليست إلا محاولة لامتصاص الانتقادات الدولية الواسعة ضد سياسات الحصار. وأضاف أن ترامب بات يدرك أن المجاعة تتفاقم، لكنه يكتفي بوصفها دون تقديم حلول عملية، خاصة بعد تكرار التقارير التي نفت وجود أدلة على استيلاء حماس على المساعدات. وأكد أن العديد من الفلسطينيين لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات، وأن المجتمع الدولي أمام اختبار حاسم بين الالتزام بالتغيير أو التخاذل أمام الكارثة الإنسانية.
تطورات الموقف الدولي وإمكانيات التغيير
أبدت بعض الدول الغربية، خاصة بريطانيا، خشيتها من استمرار التجويع والقتل المنهجي، مؤكدة أنها قد تعترف بدولة فلسطين إذا استمر الوضع على حاله. واعتبرت أن ذلك يعكس وعيًا متزايدًا بحجم الكارثة، ورغبة في اتخاذ خطوات واقعية بدلاً من التصريحات الرمزية. ومع تراجع الأطر السابقة لتوزيع المساعدات، التي كانت تتم عبر الأمم المتحدة، تلاشت بعض الضمانات، خاصة بعد انخراط إسرائيل المباشر في العملية، مما أدى إلى تحول المساعدات إلى وسيلة ضغط وليس خطة إنسانية واضحة.
المطالبة بتوحيد الصف الفلسطيني وكسر الانقسام
أكد زقوت أن الطريق نحو دولة فلسطينية لا يبدأ من الخارج، وإنما من الداخل الفلسطيني نفسه، ودعا إلى تجاوز حالة الانقسام بين السلطة الفلسطينية وحماس. سمّى ضرورة أن تتعامل حماس بجدية مع تشكيل حكومة وفاق وطني، وأن تتمسك السلطة بعدم الخضوع للابتزاز الأمريكي والغربي الذي يطالب بفلسطين خالية من حماس. وشدد على ضرورة صياغة عقد وطني فلسطيني جديد يركز على المصالح الوطنية ويسهم في توحيد الخطاب السياسي تجاه الاحتلال، معبرًا عن اعتقاده أن الوحدة الداخلية هي بداية الطريق لتحقيق الأهداف الوطنية.
المساعدات والجوع.. ملامح مأساوية على أرض الواقع
بينما تتسابق الطائرات لإيصال المساعدات، يبقى السؤال حول مسؤولية استمرار المجاعة، وما إذا كانت الخطط الأمريكية ستصبح خطوات عملية أم ستظل مجرد تصريحات بدون نتائج. تتزايد الشكوك حول نوايا الطرفين، خاصة مع تصاعد الانقسامات، ويدخل المجتمع الدولي اختبارًا صعبًا؛ إما أن يلتزم باتحاده لتحويل المساعدات إلى فعل حقيقي، أو يترك غزة تشهد كارثة إنسانية تتفاقم دون توقف.







