يُعتَبر اللقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا بمثابة “تمرينا لاستماع”، حيث لا يتوقع أن يؤدي إلى وقف فوري للقتال في أوكرانيا، لكنه قد يفتح المجال لمرحلة دبلوماسية جديدة. يُعقد الاجتماع في قاعدة إلمندورف-ريتشاردسون العسكرية، بمشاركة شخصيات رفيعة من الوفد الروسي، من بينهم وزراء الخارجية والدفاع والمالية، بالإضافة إلى رئيس صندوق الثروة السيادي. تتناول المباحثات الحرب الأوكرانية، إلى جانب قضايا التجارة والأمن الدولي، وفق ما أعلن الكرملين.
وفي تحليل لمجلة “نيوزويك” الأميركية، تم طرح أربعة احتمالات لنتائج القمة بين ترامب وبوتين. يُظهر الخبراء أن القمة تعكس اعتماد أوروبا بشكل كبير على الضمانات الأمنية الأميركية، حيث تجد الدول الأوروبية نفسها غالبًا في موقف رد الفعل بدلاً من المبادرة لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وذكر رفائيل لوس من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن الدول الحليفة لأوكرانيا تعتمد على العلاقات مع واشنطن أكثر من العمل على جهود دبلوماسية مستقلة، مما يعكس اعتماد أوروبا على الضمانات الأميركية التجارية والأمنية، ويُرجح أن تتجه القادة الأوروبيون والأوكرانيون إلى توقعات مرنة من جانب ترامب تجاه روسيا، ما قد يعيق جهود إنهاء النزاع.
نجاح بوتين في كسر العزلة الدولية
تُعد الزيارة فرصة لبوتين أن يظهر بشكل علني في الولايات المتحدة بعد عقد كامل، الأمر الذي يمنحه ميزة سياسية رغم وجود مذكرة توقيف دولية بحقه بتهمة جرائم حرب، إلا أن الترحيب به يُظهر أن الصورة في الأوساط الدولية لا تزال إيجابية تجاهه. ترى بعض التحاليل أن الاجتماع يشكل نهاية لعزلة بوتين الدولية، إذ إنه يلتقي مباشرة مع ترامب، دون تقديم تنازلات واضحة، مما يُفهم كنجاح لبوتين في تعزيز مركزه السياسي على الرغم من الصعوبات القانونية. ويمكن أن يستفيد بوتين من نتائج القمة ليصور رفض زيلينسكي لأي تنازل كعلامة على عدم التعاون، ما يعزز مبرراته في استمرار السياسات الحالية.
موقف أميركا وروسيا من القمة
يسعى الجانب الروسي إلى “تحييد” الدور الأميركي فيما يخص أوكرانيا، من خلال تقليل مشاركة واشنطن في السعي لإنهاء النزاع ووقف الدعم العسكري لكييف، مع احتمالات لعرض ترامب حوافز اقتصادية تشمل الوصول إلى موارد طبيعية قبالة سواحل ألاسكا، وفتح أسواق المعادن المحتلة، ورفع العقوبات عن صناعة الطيران الروسية. وفي المقابل، أشار ترامب إلى ضرورة عقد لقاء ثاني مع زيلينسكي قبل التوصل لأي اتفاق نهائي، مؤكدًا أن أي مفاوضات قد تشمل تبادل الأراضي، وهو ما ترفضه كييف لكونه يخالف الدستور الأوكراني.
تتوقع بعض التحليلات أن نتائج القمة ستكون غير حاسمة، حيث إن بوتين لا يملك حوافز للتنازل أو الموافقة على وقف إطلاق النار، ويعتقد أن وضعه الميداني يتحسن مع الوقت. كما أن زيلينسكي يواجه وضعًا صعبًا، وإذا تخلت أوكرانيا عن دفاعاتها، فإن بوتين قد يعاود الهجوم مجددًا. وتُجرى القمة بجلسة مغلقة بين الرئيسين، تتبعها اجتماع موسع وإفطار عمل، وتنتهي بمؤتمر صحفي مشترك.
وأخيرًا، أكد المتحدث باسم الكرملين أن لا بيان مشترك سيصدر عن القمة، وأن اجتماعًا آخر مع زيلينسكي سيكون ضروريًا قبل أي اتفاق لوقف إطلاق النار، مع ترجيح أن تتضمن المفاوضات احتمالات لتبديل الأراضي مقابل التهدئة، وهو ما ترفضه كييف. ويتوقع أن تواصل روسيا الاعتماد على وضعها الميداني ورفضها لتنازلات كبرى، في حين يعتقد بعض الخبراء أن اللقاء لن يُثمر عن نتائج ملموسة في ظل الظروف الحالية.







