رئيس التحرير: سراب حسان غانم
مدير التحرير: رماح اسماعيل

عاجل | مأزق في وقت حرج.. تهديدات إيران تربك وكالة الطاقة الذرية

شارك

تعيش العلاقات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية حالة من التوتر غير المسبوق، حيث ظهرت تهديدات مباشرة للمدير العام للوكالة، رافائيل غروسي، عقب الهجمات الأخيرة التي شنها كل من إسرائيل والولايات المتحدة على منشآت نووية إيرانية. كشف ذلك التهديد، الذي أوردته وسائل إعلام غربية، عن تصاعد التوترات، مما أدى إلى وضع غروسي تحت حماية أمنية مشددة على مدار الساعة، في حين عادت فرق المفتشين إلى طهران للمرة الأولى منذ تلك الاعتداءات، رغم تأكيدات إيرانية بعدم استئناف التعاون بشكل كامل.

حماية غروسي ودلالاتها السياسية

بينما يوضح البروفيسور هاينس غارتنر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة فيينا، أن النمسا تتحمل مسؤولية مباشرة عن حماية غروسي بموجب اتفاقية فيينا، يلفت إلى أن وضعه ضمن حماية أمنية ليس أمرًا غير معتاد في سياق التهديدات الدولية. إذ تلقت السلطات النمساوية تحذيرات من وكالة استخباراتية، وأمرت بحمايته، إذ يرتبط التهديد بشكل رئيسي بإيران، غير أن مصدره الرسمي لم يُحدد بعد. ويشير غارتنر إلى أن هذه التدابير تأتي في وقت حساس تشهد فيه إيران محاولة موازنة بين رفض السماح بدخول المفتشين للحفاظ على سيطرتها وبين رغبتها في الحفاظ على علاقاتها الدبلوماسية مع الوكالة والدول الأوروبية.

تأثير التهديدات على استقلالية الوكالة

وفقًا لغارتنر، فإن استمرار التهديدات يهدد استقلالية الوكالة وقدرتها على العمل بشكل حيادي. إذ تبقى إيران مطالبة باتخاذ إجراءات ملموسة لطمأنة المجتمع الدولي، خاصة وأن تصريحاتها السابقة بشأن منع المفتشين قد تعيق التعاون، وتعرض قدرة الوكالة للانتقادات. تحاول إيران استغلال محاولة منع الأوروبيين من الوصول إلى التحقيقات، بينما تتجنب تفعيل آلية العقوبات الدولية التي قد تفرض عقوبات جديدة، الأمر الذي يتطلب من طهران تجاوز التصريحات السابقة والالتزام بالضمانات الأمنية.

الموقف الأوروبي: إدانة وتحذير

برزت الدول الأوروبية، في مواجهة التهديدات، بإدانة تصريحات إيران والاعتراف بخطورتها على الاستقرار الدولي. ويؤكد غارتنر أن الموقف الأوروبي يعكس قلقًا من احتمال تصعيد التوترات، خاصة مع وجود معارضة داخل إيران لبعض سياساتها في محاولة للحفاظ على علاقات دبلوماسية مع الدول الأوروبية، إلا أن أي خطوة غير محسوبة قد تؤدي إلى تصعيد العزلة الدولية وفرض عقوبات أشد، وتقويض فرصة استئناف التعاون النووي.

سلامة المفتشين وتحديات التعاون

لم تقتصر التهديدات على غروسي، بل طالت عمل المفتشين الذين قد لا يكونون في أمان أثناء دخول المنشآت النووية، الأمر الذي أدى إلى مغادرة بعضهم مواقع التفتيش قبل استكمال مهامهم. إذ يعتمد عودة المفتشين على ضمانات أمنية واضحة من إيران، ويشدد غارتنر على أن أي تعاون جديد يتطلب توفير مستوى كافٍ من الأمان للمفتشين. وتظل الثقة مهددة، خاصة بعد تصعيد إيران تصريحاتها، ويجب على المفتشين تقييم حجم الضرر الذي أصاب المنشآت النووية وتحديد المخزون النووي من اليورانيوم المخصب، وهو ما يعد خطوة أساسية لفهم تقدم البرنامج النووي الإيراني وإمكانية التوصل إلى اتفاقات مستقبلية.

ما الذي يسعى المفتشون إلى تحقيقه؟

يوضح غارتنر أن المهمة الرئيسية للمفتشين تتمثل في تقييم الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية، وفحص مستوى احتياطيات اليورانيوم المخصب، حيث يشكل ذلك عنصرًا حاسمًا في قياس مدى تقدم البرنامج النووي الإيراني. يهدف هؤلاء إلى تقديم تقييم دقيق يوضح الوضع الحقيقي، ما يمكّن الأطراف من وضع خطوات تواصل وضمانات للتحقيق بشكل كامل، وتوفير أساس للتفاهمات الدولية المحتملة مع إيران أو إعادة تفعيل الاتفاق النووي.

يظل البرنامج النووي الإيراني عند مفترق طرق حساس، حيث تتشابك التحديات الأمنية مع الصراعات الدبلوماسية. إذ يهدد تصعيد إيران لتهديداتها بشكل مباشر استقلالية عملية التفتيش، ويزيد من قلق المجتمع الدولي حول مدى التزام طهران باتفاقيات الطاقة النووية. في المقابل، تحافظ الوكالة على حيادها، وتسعى للحفاظ على استقلاليتها، في حين تضغط الدول الأوروبية والولايات المتحدة لإجبار إيران على التعاون والشفافية. وتتبقى جميع التطورات مرتبطة بضمانات أمنية واضحة، والإمكانات لإعادة الثقة بين الأطراف، مع تجاوز التصريحات العدائية لضمان استمرار الحوار وتقليل فرص التصعيد الدولي.

مقالات ذات صلة