يجلس الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مكان سري، مع مجموعة من المسؤولين، من بينهم صهره جاريد كوشنر ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، لمناقشة مستقبل غزة خلال الاجتماع الذي يركز على التطورات الحالية للقطاع.
في جانب آخر، أطلق وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش خطابًا متشدداً يدعو إلى تشديد الحصار على غزة حتى النفَس الأخير، مؤكداً أن من لا يُقتل بالرصاص سيموت جوعًا، في سياسة تبرز مدى التباين في الرؤى حول مستقبل القطاع.
تباين الرؤى إزاء مستقبل غزة
هل تتجه الأمور نحو تنفيذ خطة بدعم أميركي لخلق بيئة استثمارية وإعادة الإعمار، أم أن الضغوط الإسرائيلية ستفرض استمرار الحصار والدمار، وتدفع غزة نحو الهاوية؟ يظل هذا السؤال بلا إجابة، وسط استمرار القصف والاستنزاف بشدة، وسكان يعانون من حصار خانق وتهديدات مفتوحة.
مداولات البيت الأبيض وخطط ما بعد الحرب
نقل مصدر أن البيت الأبيض عقد اجتماعًا مثيرًا للجدل جمع ترامب، مع بلير، وكوشنر، ثم انضم إليه الوزير الإسرائيلي رون ديرمر لمناقشة إدارة ما بعد الحرب في غزة. لم تتخذ القرارات النهائية، لكن تم مناقشة تشكيل حكومة بعد إقصاء حماس، وكيفية تأسيس بيئة استثمارية تسرع إعادة الإعمار. أبدى ترامب دعمه لخطة جاهزة تنفذ فور توقف العمليات العسكرية، واعتبرها أداة أساسية في إدارة الصراع، وليست مجرد مساعدة إنسانية أو اقتصادية، بل مشروعًا سياسيًا أوسع يستهدف تحويل مستقبل غزة سياسيًا وأمنيًا.
رغم ذلك، بقيت الخطة في مراحل مبكرة، ولم تُحسم هوية المُحكم في غزة أو الأسس التي تضمن توافقًا دوليًا وإقليميًا على إعادة الإعمار، مما يعكس غموضًا يعيق التنفيذ الفعلي على الأرض.
الموقف الإسرائيلي الرسمي والتحديات الداخلية
بينما يتحدث المجتمع الدولي عن إعادة الإعمار، يواصل المسؤولون الإسرائيليون موقفهم المتناقض، حيث تقول الحكومة إنها لا تسعى لاحتلال دائم أو تهجير كامل للفلسطينيين، لكنها ترفض بشكل قاطع بقاء حماس في الحكم، وتبحث عن بديل سياسي أو أقل حدة عسكريًا، إلا أن أصواتًا داخل الحكومة تدعو إلى خيارات أشد، تشمل الاحتلال المباشر أو التهجير القسري، وهو ما يعكس انقسامًا داخليًا حول الاستراتيجية المستقبلية في القطاع.
التحليل الأمني الإسرائيلي ورؤى الخبراء
قدم ألون أفيتار، المستشار السابق في وزارة الدفاع الإسرائيلية، تصورًا لمرحلة أولى من العمليات العسكرية، تقوم على السيطرة على غزة كاملًا، مع تمييز بين المدنيين ومقاتلي حماس، وتدمير البنية العسكرية للحركة. أكد أن السيطرة مؤقتة وتهدف لضمان أمن إسرائيل، مع العمل على نقل المدنيين إلى مناطق آمنة، رغم تحديات التنفيذ وصعوبة القبول الدولي. لفت إلى أن إسرائيل تسعى في النهاية إلى إجبار حماس على الاستسلام وتسليم الأسرى، مع السماح بالمساعدات الإنسانية، وإن كانت تواجه اتهامات بالتواطؤ مع حماس في توزيعها.
في المقابل، يرى حسام الدجني أن إسرائيل لا تستطيع التمييز الفعلي بين المدنيين والمقاتلين، خاصة في مساحة صغيرة يسكنها أكثر من مليوني نسمة، وأن المقاومة جزء من النسيج المجتمعي، وأن ما يحدث هو عملية إبادة جماعية وتهجير قسري، وليس مجرد حرب ضد حماس. واعتبر أن الحصار مستمر ويشمل مناطق أخرى، ما يعكس خطة موسعة تتجاوز غزة، ويدعو المجتمع الدولي لإنقاذ إسرائيل من نفسها ومن قيادات متشددة.
موقف المجتمع الدولي والخيارات المستقبلية
مما يتضح أن مستقبل غزة يواجه مسارين متباينين، أحدهما خطة البيت الأبيض التي تهدف إلى إقامة بديل لحكم حماس وإعادة الإعمار، والآخر الموقف الإسرائيلي المتشدد الذي يركز على الحصار والضم ومواصلة الضغط العسكري. تتوازن إسرائيل بين رغبتها في السيطرة العسكرية وخوفها من رد فعل دولي، وبين حاجتها لتهيئة ظروف سياسية واقتصادية لإنهاء الأزمة.
بينما يطالب الفلسطينيون، مثل حسام الدجني، بحل جذري عبر إنهاء الاحتلال وإقامة دولة مستقلة، تظل غزة في حالة من الجمود، وسط استمرار القصف وتدهور الحالة الإنسانية، ومع غياب أفق سياسي واضح يطمئن الناس بفرص مستقبلية مختلفة.
وفي ظل التباين بين مسار الدعم الدولي ومسار السياسة الإسرائيلية، تزداد معاناة المدنيين، ويظل السؤال عن هل سينجح المسار المدعوم أميركيًا أم ستسود سياسات الحصار والضم، بلا إجابة محسومة، مع دفع غزة الثمن باهظًا، فيما يبقى الأمل في إيجاد مخرج سياسي يحقق السلام والاستقرار.







