رئيس التحرير: سراب حسان غانم
مدير التحرير: رماح اسماعيل

عاجل | تصعيد الوضع في غزة يضع الفلسطينيين أمام اختبار الوحدة أو التفكك

شارك

تعيش الساحة الفلسطينية حاليًا في لحظة حاسمة مع تصاعد الإجراءات الإسرائيلية، التي تتراوح بين عمليات تمهيدية لاحتلال قطاع غزة وخطط سريعة لضم أجزاء من الضفة الغربية، بهدف تغيير هويتها السياسية والديموغرافية.

وفي الوقت الذي يناقش فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اجتماعات سرية سيناريوهات لاستبدال قيادة السلطة الفلسطينية، تواصل واشنطن فرض قيود على السلطة بمنع مسؤولين فلسطينيين من المشاركة في مؤتمرات دولية تتعلق بحل الدولتين. وتتجلى ملامح التصعيد فيما يواجه الشعب الفلسطيني تحديات كبيرة، تطرح سؤالًا حول خياراته المتاحة اليوم وإمكانيته في فرض معادلة تحافظ على وحدته وتوقف مسار التفكك.

توصيف الحالة الراهنة من قبل القيادات الفلسطينية

قال عبد الفتاح دولة، المتحدث باسم حركة فتح، إن ما يحدث اليوم هو امتداد لمشروع استعماري قديم يستهدف الفلسطينيين منذ عقود، لكنه اليوم يأخذ شكلًا أخطر مع تزايد وتيرة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي. وأوضح أن اليمين الإسرائيلي المتطرف، الذي يقود الحكومة الحالية، يعتقد أن المرحلة الحالية مواتية لتهويد القضية، بدءًا من غزة التي تواجه احتلالًا كاملًا، وصولًا إلى الضفة الغربية التي تُفرض عليها وقائع جديدة تتعلق بمخططات الضم. ورغم أن الشعب الفلسطيني يمتلك إرادة حية وأدوات مقاومة، إلا أن مواجهة هذا التصعيد تتطلب جهودًا موحدة وسياسية صلبة ودبلوماسية فعالة على المستويين العربي والدولي.

انقسام الفلسطينيين وأثره على المواجهة

رأى دولة أن المشكلة الكبرى التي تعيق الفلسطينيين عن مواجهة المشروع الإسرائيلي تتمثل في حالة الانقسام الداخلي المستمرة. بعد اللقاء الوطني الذي دعا إليه الرئيس محمود عباس، وفشله في توحيد الرؤى، وُوجهت القيادة الفلسطينية بخطوة منفردة من حركة حماس، حيث أدت تلك الخطوة إلى تعقيد الموقف، وتكريس وجود قرارين، الأمر الذي يضعف القدرة على التصدي للتحديات بشكل جماعي. ودعا إلى ضرورة حوار وطني شامل يسهم في إعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني على أساس توحيد الموقف والقرار، مؤكدًا أن ذلك هو السبيل الوحيد لمواجهة التهديدات الإسرائيلية الحالية.

مراجعة الوضع والتوجهات القادمة

شدد على ضرورة أن يكون هناك مراجعة إسرائيلية فلسطينية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، من خلال قرارات جريئة واستثنائية بعيدة عن خلافات الماضي. وأكد على أهمية تواصل مباشر مع القوى العربية والإقليمية لطلب التدخل وإنقاذ الشعب الفلسطيني من الكارثة، بالإضافة إلى حشد دعم المجتمع الدولي لوقف الإبادة الجماعية. وأوضح أن السلطة الفلسطينية، بما تملكه من شرعية دولية، تملك القدرة على التحرك الدبلوماسي والسياسي بشكل أكثر فاعلية، إذا توفرت لها الدعم الداخلي والإقليمي الكافي.

موقف حماس والفرص الممكنة

ذكر أن حماس ليست جزءًا من المشكلة، بل يمكن أن تلعب دورًا هامًا في الحل إذا توافرت خطوات سياسية مدروسة وتعاون إقليمي. وأشار إلى أن الحركة أبدت استعدادها لتقديم تنازلات، منها تسليم إدارة غزة إلى السلطة الفلسطينية أو أي جهة توافقية، مقابل وقف العمليات العسكرية ووقف العدوان الإسرائيلي. وبيّن أن هدف حماس الأول هو وقف نزيف الدم والتخفيف من معاناة الشعب، وهو ما قد يفتح الباب للتعاون مع السلطة للوصول إلى خطة مشتركة للمرحلة المقبلة.

موقف الاحتلال الإسرائيلي وخطوطه الحمر

لفت إلى أن إسرائيل ترفض أي حلول سياسية، وتتعامل مع الشعب الفلسطيني كمشكلة يجب تفكيكها أو القضاء عليها، حيث يركز نتنياهو وحكومته على هدف واضح وهو تدمير غزة وتهجير سكانها وضم الضفة الغربية. وأكد أن إسرائيل تسعى إلى تغيير معالم المنطقة بشكل جذري، وتعمل على تقسيم سوريا، وابتلاع أراضٍ في لبنان، وهو ما يدل على أن الصراع يتعدى فلسطين ليشمل إقليمًا بأكمله. وحذر من أن استمرار العدوان يهدد ليس فقط الفلسطينيين، بل مستقبل المنطقة بأسرها، ويدعو إلى حركة عربية ودولية متوازنة تساند الحق الفلسطيني وتوقف المخططات الإسرائيلية.

خيارات الفلسطينيين ومستقبل الوحدة الوطنية

بينما تتباين المواقف الفلسطينية، يتفق الجميع أن الوحدة الوطنية تُعد الخيار الأهم لمواجهة خطط الضم والاقتلاع ورفض التصعيد الإسرائيلي. لكن تحقيق الوحدة يتطلب تجاوز الخلافات والصراعات السياسية، وتوحيد الصف على أساس برنامج وطني شامل يُعيد الاعتبار لمنظمة التحرير كممثل شرعي وحيد للشعب، بدعم عربي وإقليمي حقيقي. وإذا استمر الانقسام، فإن ذلك يعزز فرص إسرائيل في فرض وقائع جديدة على الأرض، سواء في غزة، أو الضفة، أو القدس، مما يعقد الوضع ويزيد من المخاطر الوجودية.

الوضع الفلسطيني اليوم يقف أمام مفترق طرق، حيث تسارع إسرائيل لإتمام مشاريعها التهويدية، وتضيق الولايات المتحدة الخناق على أي مسعى سياسي فلسطيني فعّال، فيما يواجه الشعب الفلسطيني تحديًا وجوديًا كبيرًا. الخيار الأوضح أمامه هو الوحدة الفلسطينية لمواجهة التحدي، أو الاستمرار في الانقسام، الذي يحمل مخاطر خطيرة على مستقبل الشعب والأرض. ويظل الاختبار الأكبر قدرة الفلسطينيين على تحويل تضحياتهم إلى قوة سياسية ووطنية قادرة على فرض واقع جديد يعيق مخططات الاحتلال.

مقالات ذات صلة