رئيس التحرير: سراب حسان غانم
مدير التحرير: رماح اسماعيل

عاجل | “التجسس”.. السلاح السري لإسرائيل في صلب الصراع

شارك

تُظهر الأحداث الحديثة أن الحروب ليست فقط معركة بأسلحة متطورة، بل تعتمد بشكل كبير على الاستخبارات والتجسس، حيث تعد من أهم ركائز التفوق الاستراتيجي وتحديد مسار المعركة قبل وقوعها. ففي العملية الأخيرة التي نفذتها وحدات الكوماندوز الإسرائيلية قرب دمشق واستمرت لساعتين بقيادة إسناد جوي، اتضح بشكل واضح أن السلاح الاستخباراتي يلعب دورًا حاسمًا في العمليات العسكرية الإسرائيلية.

بينما تحدثت تقارير عن استهداف أجهزة تنصت متطورة، يرى خبراء أن الهدف الحقيقي قد يكون أجهزة توجيه أو رادارات مرتبطة بالصواريخ الإيرانية والحوثية، مما يعزز فكرة أن المنطقة كانت مركزًا لنشاط الحرس الثوري الإيراني وحزب الله، وتستخدم كممر لتموين السلاح، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الجوي الإسرائيلي، خاصة أن العملية استغرقت وقتًا وجهدًا كبيرين يدللان على أهمية الهدف وتعقيده.

المعلومات أساس الحروب الحديثة

يؤمن العزاوي أن كل حرب تبدأ عبر جمع المعلومات وتحليلها بشكل دقيق قبل التخطيط لأي خطوة. ومع التطور التكنولوجي، أصبح التجسس أسهل، لكن دوره لم يقتصر على البيانات الإلكترونية فحسب، بل يمتد إلى عمليات تكامل بين القدرات السيبرانية والعمل البشري من خلال عملاء في الميدان. إذ أن إسرائيل بنت شبكة واسعة من العملاء، تتابع التطورات داخل إيران وسوريا ولبنان واليمن، مما يمنحها تفوقًا في نوعية ودقة المعلومات على معظم الجيوش في المنطقة والعالم.

عملية دمشق وما وراء أجهزة التنصت

لا تتفق التفسيرات حول أجهزة التنصت الموجودة في الموقع المستهدف مع العزاوي، حيث يعتقد أن الهدف قد يكون مرتبطًا بأجهزة توجيه أو رادارات خاصة بالصواريخ الإيرانية أو الحوثية، مما يمثل خطرًا على التفوق الجوي الإسرائيلي. ومدة العملية والإسناد الجوي بأربع طائرات يُعبران عن مدى خطورة الهدف، ويشير العزاوي إلى أن الهدف هو تصفير أنظمة حساسة وحماية المجال الجوي من تهديدات مستقبلية، وليس مجرد سحب جهاز تنصت.

التكنولوجيا والوسائل التقليدية في العمل الاستخباراتي

لا تعتمد إسرائيل فقط على التكنولوجيا الحديثة، بل تجمع بين الوسائل التقليدية والقدرات التقنية، إذ لا تتخلى عن جمع المعلومات البشري وتصميم العمليات الميدانية، مع تحديثها باستمرار. وتعد الوحدة 8200 من أبرز الوحدات العالمية في التجسس السيبراني وتحليل البيانات، بينما يحتفظ جهاز الموساد بقدرات عالية في التغلغل البشري وجمع المعلومات من المصادر الداخلية في الأماكن الحساسة. هذا التوازن يعطي إسرائيل صورة استخباراتية متكاملة، ويتيح لها استباق أنشطة الأعداء وتوجيه الضربات قبل حدوث المواجهة.

سلاح الصدمة ونفاذ الخصم قبل الحرب

تعد قدرات الصدمة من أهم عناصر السلاح الاستخباراتي، حيث استطاعت إسرائيل في عدة مراحل استباق العدو بقصف قيادات ميدانية، ما أدى إلى انهيار الروح المعنوية للخصم وإرباك خططه. مثال على ذلك، في حرب الـ12 يوم، قضت إسرائيل على قيادات إيرانية ولبنانية في الساعات الأولى، مما أدى إلى زعزعة الثقة لدى الخصوم، وهو ما يساعد على حسم المواجهة نفسيًا قبل الحسم العسكري.

اليمن.. ساحة جديدة للاستخبارات الإسرائيلية

مع ظهور الحوثيين كذراع إيرانية وتنامي التهديد الصاروخي ضد إسرائيل، بدأت الأخيرة في توجيه أدواتها الاستخبارية نحو اليمن منذ عام تقريبا. اليمن أصبح جزءًا من استراتيجية إسرائيل الإقليمية، ويعتبر منطقة حيوية تؤثر بشكل مباشر على المعادلات الإقليمية، لذلك بنت شبكة عملاء ورفعت مستوى تدفق المعلومات، مما يوفر لها مرونة في التعامل مع تهديدات المنطقة.

التثبيت لا الحرب مع حزب الله

رغم أن حزب الله يعتبر أحد أبرز أذرع إيران، لا تسعى إسرائيل إلى خوض مواجهة شاملة معه، بل تعتمد سياسة التثبيت، أي توجيه ضربات متقطعة لإشغاله وإبقائه في حالة استنزاف دائم. هذا النهج يمنح إسرائيل ميزة استراتيجية، إذ تحافظ على الحزب منشغلًا دون استنزاف قدراته، وتبقى حرة في تحريك سياساتها ومهاجمتها بشكل محدود وفاعل.

التجسس كسلاح أساسي للمستقبل

يتضح أن التجسس لم يعد مجرد أداة مساعدة، بل هو السلاح الرئيسي في استراتيجية إسرائيل، إذ يمنحها السيطرة على مناطق جغرافية حساسة، واستهداف قيادات العدو بدقة، وفرض عنصر المفاجأة الذي يربك خصومها ويهدد ثقتهم في أنفسهم. فامتلاك التكنولوجيا وتوظيف القدرات التقليدية بشكل ذكي، بالإضافة إلى الإنفاق على البنى التحتية الاستخبارية، يتيح لإسرائيل أن تخلق معلومات دقيقة تعطيها الأفضلية في كسب المعارك، سواء كانت دفاعية أو هجومية.

في النهاية، يظهر أن التجسس هو الركيزة الأساسية التي تعتمد عليها إسرائيل لبناء استراتيجياتها العسكرية، ويُعد عنصرا حاسمًا في الحفاظ على تفوقها، من خلال التحكم في البيانات وعد الاستنزاف، واستخدام المعلومات كقوة حاسمة في الصراعات المستقبلية.

مقالات ذات صلة