إطار النقاش حول ضم الضفة الغربية وتداعياته
تتصاعد التحركات الإسرائيلية تجاه الضفة الغربية مع الحديث عن احتمال ضم أجزاء منها في حال اعتمدت دول أوروبية الاعتراف بدولة فلسطينية بشكل أحادي، وفق ما نقلته مصادر إعلامية عن وزيري الخارجية والشؤون الإستراتيجية الإسرائيليين الذين أبلغا نظراءهم الأوروبيين بذلك. كما أشارت تقارير أخرى إلى أن خيارات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بين الضم الجزئي والكامل تتمحور حول منطقة غور الأردن كمنطقة استراتيجية ذات أهمية مضاعفة.
وتتزايد المؤشرات عقب موافقة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش على تنفيذ خطة E1 الاستيطانية التي تهدف إلى عزل القدس عن محيطها وفصل شمال الضفة عن جنوبها عبر بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة.
مناورة سياسية أم خطوة ميدانية؟
أشار عضو الكنيست أكرم حسون إلى أن الخطة ليست جدية بل مجرد مناورة سياسية ضد الدول الأوروبية والعالم التي بادرت بالاعتراف بالدولة الفلسطينية دون التشاور مع إسرائيل، وأوضح أن إسرائيل تعتبر الاعترافات الأوروبية اعترافاً من طرف واحد وتعتبره موجهًا ضدها مباشرة.
ولفت حسون إلى وجود صراع داخلي بين المستوطنين والجيش، حيث تدخلت محاكم إسرائيلية لمحاسبة مستوطنين اعتدوا على جنود، كما تقدم بعض الحالات إلى أبعد من ذلك، وأكد أن الاستيطان ليس جديداً وأن الولايات المتحدة تدخلت في الماضي وأثرت في قرارات الحكومة عند وجود معارضة من واشنطن.
ورأى أن تصريحات سموتريتش تعكس ضغوطاً لإرضاء قاعدة انتخابية ترتكز غالباً على المستوطنين، لكنه شدد على أن الحكومة لم تقرر حتى الآن أي مشروع ضم رسمي، وأن المحاكم العليا والمستشار القضائي للحكومة لديها صلاحيات مراجعة أي قرار محتمل.
في البعد الديمقراطي والسياسي، أكد أن إسرائيل دولة ديمقراطية تسمح بتعدد الآراء، وأن القرار النهائي يمر عبر جلسات حكومية وبروتوكولات علنية، وحتى الآن لم يتوفر أي قرار رسمي بشأن الضم في الحكومة أو البرلمان، مع احتمال أن تراجع المحاكم مثل المحكمة العليا والمستشار القضائي للحكومة أي خطوة مقترحة.
وبشأن جدية نوايا نتنياهو، أشار حسون إلى أنه لو كان يهدف فعلاً إلى ضم الضفة الغربية لكان فعل ذلك منذ وقت طويل، فربما تكون حركة سياسية مضادة للضغط الأوروبي أكثر منها خطوة عملية، بحسب تعبيره، مع الإشارة إلى أن الاعتراف الأوروبي بدولة فلسطينية دون إشراك إسرائيل أو التفاوض معها يُعد تصرفاً غير مسؤول ويقوّض جهود السلام المستمرة.
المعضلة الفلسطينية الداخلية لم تغفلها التعليقات، حيث ذكر أن الانقسام بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس يحول دون تقدم حقيقي نحو تسوية، مع تأكيده على أنه من دعاة حل الدولتين لكن وجود حماس ورفضها الاعتراف بالسلطة الفلسطينية يعوق إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة بقيادة سلطة واحدة، وهو وضع تستغله إسرائيل لتبرير رفض الاعتراف بأي كيان فلسطيني مستقل بقيادة حماس.
في مجمل الصور، يبدو أن فكرة ضم الضفة الغربية أقرب إلى ورقة ضغط سياسي في مواجهة الضغوط الأوروبية أكثر منها خطة جاهزة للتنفيذ فوراً، لكن التوسع الاستيطاني على الأرض يخلق واقعاً جديداً قد يعقد أي مسار تفاوضي مستقبلي، بينما يبقى الخلاف الفلسطيني الداخلي والضغوط الدولية عائقاً أمام خطوة حاسمة في المستقبل.







