أطلق البنك المركزي المصري مبادرات لزيادة استخدام المحافظ الذكية والبطاقات البنكية، وألزم المؤسسات الحكومية بقبول المدفوعات غير النقدية، كما دعمت وزارة الاتصالات البنية التحتية الرقمية عبر تطوير شبكات الإنترنت وتوسيع نطاق خدماتها في المحافظات.
يزداد حضور القطاع الخاص من خلال شركات الدفع الإلكتروني مثل انستا باي وفوري وأمان ومصاري، التي أصبحت لاعبا رئيسيا في تسهيل المعاملات اليومية من دفع الفواتير وحتى خدمات التسوق الإلكتروني.
رؤية اقتصادية للتحول إلى مجتمع بلا نقد
يؤكد أستاذ الاقتصاد أحمد غنيم أن التحول إلى مجتمع بلا نقد خطوة جوهرية لتقليص الاقتصاد غير الرسمي، تعزيز الشفافية المالية، ورفع القدرة التنافسية للاقتصاد المصري إقليميًا ودوليًا، كما يسهم في تحسين قدرة الدولة على تحصيل الضرائب وزيادة ثقة المستثمرين.
ويشير إلى أن التحدي الأكبر يتمثل في شمولية هذه السياسات لجميع الفئات، بما في ذلك سكان المناطق الريفية وكبار السن، وهو ما يتطلب توعية مجتمعية وتبسيط الخدمات الرقمية.
ويرى محمد عزام خبير تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي أن نجاح التجربة يعتمد بشكل رئيسي على قوة البنية التحتية الرقمية، فيؤكد أن من دون شبكة إنترنت سريعة وآمنة لا يمكن انتشار الدفع الإلكتروني، وهو ما تعمل عليه الدولة بتقدم مصر في مؤشر جاهزية الشبكات لتصل إلى المركز 85 عام 2024، مقارنة بالمركز 91 عام 2014، كما تقدمت 46 مركزًا في مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي لتصل إلى المركز 65 عام 2024، مقارنة بالمركز 111 عام 2019.
ويؤكد أن الاستثمار في الأمن السيبراني ضرورة ملحة، إذ يشكل عنصر الثقة حجر الأساس لإقناع المواطنين بالتخلي عن النقد، وتوفير أنظمة حماية متطورة وضمان سرية البيانات من شأنه أن يرفع معدلات الاستخدام، خصوصًا مع تزايد الهجمات الإلكترونية عالميًا.
المكاسب والتحديات والاستعداد التنظيمي
وتشير التوقعات إلى أن التحول الرقمي سيقلل التعاملات غير الرسمية، ويوسع قاعدة الشمول المالي، ويخفض تكاليف تداول النقد، كما يفتح المجال أمام خدمات مالية مبتكرة مثل القروض الرقمية الصغيرة والتأمين الإلكتروني.
وتؤكد بيانات البنك المركزي أن عدد المحافظ الإلكترونية تجاوز 30 مليون محفظة في السنوات الأخيرة، ما يعكس إقبالاً متزايداً على الخدمات الرقمية، خاصة بين فئة الشباب.
ومن وجهة نظر الخبراء، تمتلك مصر مقومات قوية للانتقال إلى مجتمع بلا نقد، لكن النجاح يتطلب استمرار الاستثمار في البنية التحتية وتوسيع برامج التوعية ومشاركة مختلف الشرائح الاجتماعية في منظومة التحول.
تبقى الرهانات على قدرة المواطن والمؤسسات معاً على التكيّف مع هذه النقلة النوعية لضمان تحويل السياسات من طموح حكومي إلى واقع يعكس التحول في الثقافة الاقتصادية للمجتمع المصري.







