تسعى دمشق إلى استكمال التحضيرات لإجراء انتخابات تشريعية هي الأولى منذ سقوط نظام الأسد، وتصف السلطات السورية هذا الاستحقاق بأنه خطوة لملء الفراغ التشريعي واستعادة الثقة داخلياً وخارجياً، لكنها تثير أسئلة حول مدى نجاحها كمسار نحو انتقال سياسي حقيقي.
تبدأ اليوم اللجان الفرعية على مستوى المناطق عملية اختيار أعضاء الهيئات الناخبة المشاركة في الاستحقاق الانتخابي غير المباشر، الذي سيؤدي إلى تسمية ثلاثة أعضاء في مجلس الشعب.
ومن المتوقع أن ترفع الأسماء إلى اللجنة العليا للانتخابات، التي ستقرها قبل السماح بتقديم الطعون على الأعضاء الذين لا يستوفون شروط العضوية.
يؤكد نوار نجمة، المتحدث باسم اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، أن النزاهة والكفاءة والشفافية هي المعايير الأساسية التي تطبّق على كل مستويات اللجنة، بما فيها اللجان الفرعية التي ستختار أعضاء الهيئات الناخبة.
يذكر أن المرسوم الصادر عن رئيس الجمهورية ينظم العملية الانتخابية، ويستثني فقط من ارتكبوا الانتهاكات والجرائم خلال فترة الثورة السورية، دون استبعاد الموظفين العاديين أو أصحاب الرأي المخالف.
الإطار والآلية الانتخابية
يقول نجمة إن هناك أشخاصاً تورطوا في الدماء أو دعموا التورط، لذا سيُستبعدون فقط، فيما الغالبية العظمى من المواطنين كانوا معارضين لانتهاكات النظام السابق.
أقر نوار نجمة بأن المحافظات السويداء والرقة والحسكة لن تشهد الانتخابات بسبب سيطرة قوى مسلحة، ما يجعل إجراءها في هذه المناطق مستحيلاً وفق معايير النزاهة.
وأوضح أن القرار يعبر عن خيار أقله سوءاً مع ترك المقاعد شاغرة لحين استقرار الوضع في هذه المناطق.
وشدد على أن القوى العسكرية المسيطرة على هذه المناطق تتحمل المسؤولية الكاملة عن ذلك، وليست اللجنة العليا أو البرلمان.
التحديات الجغرافية والتأثير السياسي
وفي ظل وجود ملايين النازحين واللاجئين وغياب الأوراق الثبوتية، لجأت اللجنة إلى آلية غير مباشرة تعتمد الهيئات الناخبة كخطوة مؤقتة.
وتوضح أن الهدف هو الحد من التزوير والمال السياسي، وتعزيز شعور المشاركة عبر لقاءات تشاورية ولجان الطعون التي تتيح للمواطن الاعتراض على أعضاء الهيئات الناخبة.
ويقول نجمة إن الهيئات الناخبة ستتشكل بنسبة تمثيلية دقيقة لمكونات المجتمع في كل منطقة، لتكون نموذجاً مصغراً عن المجتمع.
ويؤكد أن البرلمان هو المكان الحقيقي لتعدد الألوان والتنوع السياسي، وليس الهيئات الناخبة أو الحكومة، حيث يركز البرلمان على المشاركة السياسية الفعلية لجميع السوريين.
يعتبر نجمة أن الانفتاح السياسي تدريجي، لكن بنهاية المرحلة الانتقالية يجب أن تكون مؤسسات الدولة أكثر تمثيلاً ومصداقية.
وتؤكد هذه المرحلة الانتقالية أنها تفرض قيود وتبقي الانتخابات الحالية محدودة النطاق، خاصة في المحافظات الخاضعة لسيطرة قوى مسلحة، وتبقى خطوة الهيئات الناخبة مؤقتة لتعزيز المشاركة ومواجهة التحديات.
ويؤكد نجمة أن المرحلة الانتقالية تقتضي نحو ثلاثين شهراً، وبعدها يُتوقع إجراء انتخابات مباشرة وقانون انتخابي جديد يعكس التنوع المجتمعي.
رغم كونها خطوة رمزية لإعادة بناء المؤسسات واستعادة الثقة، تظل الانتخابات التشريعية خطوة انتقالية تحتاج إلى وقت إضافي وشفافية وانفتاح حقيقي على جميع مكونات المجتمع السوري.







