تُظهر تحليل نيويورك تايمز أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب منح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “ضوءا أخضر” لغزو مدينة غزة، وهو ما بدا كما لو أنه متفرج على حرب تزداد شدة في الأسابيع الأخيرة.
وفي حين حذرت دول كبرى من الخسائر الفادحة في صفوف المدنيين وخطر إطالة أمد الحرب التي أودت بعشرات الآلاف من الفلسطينيين، ظهر ترامب في الغالب “متفرجا” ولم يدع إلى ضبط النفس.
وأعلن ترامب خارج البيت الأبيض يوم الثلاثاء أنه لم يناقش الأمر مع نتنياهو، وعندما سُئل عما إذا كان يؤيد الهجوم على مدينة غزة التي بدأ بالفعل وتسبب في تشريد مئات الآلاف من سكانها، قال: “حسناً. يجب أن أرى. لا أعرف الكثير عن ذلك”.
قراءة في تحليل نيويورك تايمز
وبينما بدا علناً أنه يسعى إلى إنهاء الحرب، كان ترامب في الواقع يقف مكتوف الأيدي راضياً بينما تزداد شدتها، وفق التحليل.
وتشير الصحيفة إلى أنه وبسبب النفوذ الكبير للمساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، لا يمكن كبح طموح نتنياهو إلا عبر رئيس أميركي، وأن تقاعس ترامب يمثل تفويضا مجانيا لرئيس الوزراء الإسرائيلي.
وقال دانيال كورتزر، السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل في عهد جورج بوش الابن: “من الواضح أن ترامب يريد إنهاء الحرب وإعادة الرهائن، لكنه يفتقر إلى استراتيجية ولا رغبة في الضغط على نتنياهو. إنه يهدد حماس لكن نتنياهو يفسر ذلك كضوء أخضر للاستمرار، وبالتالي فإن دبلوماسية ترامب تعمل ضد مصالحها”.
وأضاف كورتزر: “رغم ذلك، فإن ترامب في وضع أفضل من أي شخص آخر لإنهاء الحرب. لكنه بحاجة إلى فعل أكثر من مجرد الإدلاء بتصريحات علنية”.
إلا أن زيارة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى الشرق الأوسط هذا الأسبوع لم توضح الكثير بشأن ما تأمله واشنطن من إسرائيل.
فقبيل مغادرته إلى إسرائيل استبعد روبيو مطالبة نتنياهو بإلغاء الهجوم على مدينة غزة، وأشار بدلاً من ذلك إلى أن الولايات المتحدة “ستنصت أكثر مما ستتكلم”.
والاثنين انضم روبيو إلى نتنياهو في مؤتمر صحفي، حيث تعهد الأخير “بهزيمة” حماس، ولم يبد أي إشارة إلى أنه لا يزال يسعى إلى مفاوضات للإفراج عن الرهائن وإنهاء الحرب، كما لم يبد وزير الخارجية الأميركي أي معارضة أو قلق.
وأكد روبيو أن ترامب لا يزال يريد اتفاق وقف لإطلاق نار يفرج عن الرهائن المتبقين في غزة، لكنه ألقى باللوم على حماس في استمرار الحرب، ولم يلمح إلى أن هناك توافقا أو تفاهمات مع الدول العربية والغربية بأن عملية مدينة غزة قد تهدد أي أمل متبق في إنهاء الحرب وإنقاذ الرهائن.
وقَال روبيو يوم الثلاثاء إن “الوقت ينفد” للتوصل إلى اتفاق سلام، فيما بدا كأنه إنذار نهائي لحماس، وأضاف: “في مرحلة ما ستكون حرب إسرائيل، وسيقررون كيف يريدون المضي قدما لأنهم هم من تعرضوا للهجوم في 7 أكتوبر”.
وأشار ترامب في تصريحات هذا العام إلى أنه ألقى بعض اللوم على نتنياهو، على الأقل في استمرار الحرب، وتوقع منه إنهاءها حتى لو كان ذلك يعني محاولته إجباره على تقديم تنازلات لحماس.
وقال في مقابلة أجريت معه في مارس الماضي مع صحيفة إسرائيلية: “عليك إنهاء حربك. عليك إنجازها”.
لكن مع بلوغ الغضب الدولي إزاء سلوك إسرائيل في حرب غزة ذروته، لم ينتقد ترامب استراتيجيتهم في غزة مؤخرا، حتى إنه بدأ يشير إلى أنه لا يوجد اتفاق مع حماس ممكن، أو كان ممكنًا على الإطلاق، وقال للصحفيين في يوليو: “أعتقد أنهم يريدون الموت”.
وفي أغسطس الماضي، لم يعترض ترامب على فكرة احتلال إسرائيل الكامل لغزة، وقال: “لا أستطيع الجزم بذلك. الأمر متروك لإسرائيل إلى حد كبير”.
وحسب تحليل نيويورك تايمز، قد يرى ترامب أيضا جانبا سياسيا سلبيا في تحدي نتنياهو، الذي يحظى بدعم العديد من الجمهوريين، وقد ثبت أن التصريح الأخير للنائبة مارغوري تايلور غرين، الجمهورية عن جورجيا، بأن إسرائيل ترتكب “إبادة جماعية” في غزة كان استثناء، وليس بداية تمرد في الحزب.
وفيما يتعلق بغزة، فإن الفصل الحقيقي الذي سمح به ترامب بينه وبين نتنياهو مؤخراً جاء بسبب تقارير عن تجويع الأطفال الفلسطينيين، وقد دفع ذلك الرئيس الأميركي إلى الإصرار في أواخر يوليو على أن تسمح إسرائيل بدخول مزيد من المساعدات إلى القطاع، رافضاً مزاعم نتنياهو بأن تقارير المجاعة مبالغ فيها، وأن حماس هي المسؤولة عن نقص الغذاء. لكن ترامب لم يدل بتصريحات تذكر حول هذا الموضوع في الأسابيع الأخيرة، رغم تقارير منظمات الإغاثة بأن الغذاء والدواء ما زالا شحيحين بشكل كارثي.







